للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ويُخْرِجُ الزكاةَ من جِنْسِ مَالِه، فإن كان أنْوَاعًا مُتَسَاوِيَةَ القِيَمِ، جازَ أن يُخْرِجَ الزكاةَ من أحَدِها، كما تُخْرَجُ من أحَدِ نَوْعَىِ الغَنَمِ. وإن كانت مُخْتَلِفَةَ القِيَمِ أخَذَ من كُلِّ نَوْعٍ ما يَخُصُّهُ. وإن أخْرَجَ من أوْسَطِها ما يَفِى بِقَدْرِ الوَاجِبِ وقِيمَتِه، جازَ. وإن أخْرَجَ الفَرْضَ من أَجْوَدِها بِقَدرِ الوَاجِبِ، جازَ، وله ثَوَابُ الزِّيَادَةِ. وإن أخْرَجَهُ بالقِيمَةِ، مثل أن يُخْرِجَ عن نِصْفِ دِينَارٍ ثُلُثَ دِينَارٍ جَيِّدٍ، لم يَجُزْ؛ لأنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَصَّ على نِصْفِ دِينارٍ، فلم يَجُز النَّقْصُ منه. وإن أخْرَجَ من الأدْنَى، وزادَ في المُخْرَجِ ما يَفِى بِقِيمَةِ الوَاجِبِ، مثل أن يُخْرِجَ عن دِينَارٍ دِينَارًا ونِصْفًا يَفِى (٩) بِقِيمَتِه، جازَ. وكَذَلِكَ لو أَخْرَجَ عن الصِّحَاحِ مُكَسَّرَةً، وزَادَ بِقَدْرِ ما بينهما من الفَضْلِ، جازَ؛ لأنَّه أدَّى الوَاجِبَ عليه قِيمَةً وقَدْرًا. وإن أَخْرَجَ عن كَثِيرِ القِيمَةِ قَلِيلَ القِيمَةِ، فكذلك. فإن أخْرَجَ بَهْرَجًا (١٠) عن الجَيِّدِ، وزادَ بِقَدْرِ ما يُسَاوِى قِيمَةَ الجَيِّدِ، فقال أبو الخَطَّابِ: يجوزُ. وقال القاضى: يَلْزَمُه إخْرَاجُ جَيِّدٍ، ولا يَرْجِعُ فيما أخْرَجَهُ من المَعِيبِ؛ لأنَّه أخْرَجَ مَعِيبًا في حَقِّ اللَّه تعالى، فأشْبَهَ ما لو أخْرَجَ مَرِيضَةً عن صِحَاحٍ. وبهذا قال الشَّافِعِيُّ، إلَّا أن أصْحابَه قالوا: له الرُّجُوعُ فيما أخْرَجَ من المَعِيبِ، في أحَدِ الوَجْهَيْنِ. وقال أبو حنيفةَ: يجوزُ إخْرَاجُ الرَّدِيئَةِ عن الجَيِّدَةِ، والمُكَسَّرةِ (١١) عن الصَّحِيحَةِ، من غَيْرِ جُبْرَانٍ؛ لأنَّ الجَوْدَةَ إذا لاقَتْ جِنْسَها فيما فيه الرِّبَا لا قِيمَةَ لها. ولَنا، أنَّ الجَوْدَةَ مُتَقَوَّمَةٌ، بِدَلِيلِ ما لو أَتْلَفَ جَيِّدًا، لم يُجْزِئْه أن يَدْفَعَ عنه رَدِيئًا، ولأنَّه إذا لم يَجْبُرْهُ بما يُتِمُّ به قِيمَةَ الوَاجِبِ عليه، دَخَلَ في عُمُومِ قَوْلِه تعالى: {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ} (١٢). ولأنَّه أخْرَجَ رَدِيئًا عن جَيِّدٍ بِقَدْرِه، فلم يَجُزْ، كما في الماشِيَةِ،


(٩) سقط من: م.
(١٠) البهرج: الردىء من الشىء.
(١١) في ب، م: "والمكسورة".
(١٢) سورة البقرة ٢٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>