للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمَنْطُوقُ مُقَدَّمٌ عليه، ولأنَّه شَرَطَ المَوْتَ لجمِيعِ المَذْكُورِ في الآية، وهو حُبُوطُ العَمَلِ والخُلُودُ في النارِ، وأما غُسْلُ الجَنابةِ فلا يُتَصَوَّرُ فيه الإِبْطالُ، وإنَّما يَجِبُ الغُسْل بسَبَبٍ جَدِيدٍ يُوجِبُه، وهنا يجبُ الغُسْل أيضًا عِنْدَ مَنْ أوْجَبَ عَلَى مَنْ أسْلَمَ الغُسْلَ.

فصل: ولا يَنْقُضُ الوُضُوءَ ما عدا الرِّدَّةَ مِن الكَلَامِ؛ من الكَذِبِ، والغِيبَةِ، والرَّفَثِ والقَذْفِ، وغيرها. نَصَّ عليه أحمدُ. قال ابنُ المُنْذِر: أجْمَعَ مَنْ نَحْفَظُ قَوْلَه مِنْ عُلَماءِ الأمْصارِ علَى أن القَذْفَ، وقَوْلَ الزُّورِ، والكَذِبَ، والغِيبَةَ، لا تُوجِبُ طَهارةً، ولا تَنْقُضُ وُضُوءًا، وقد رَوَيْنا عن غيرِ واحِدٍ من الأوائلِ أنهم أمَرُوا بالوُضُوءِ من الكلامِ الخَبِيثِ، وذلك اسْتِحْبابٌ عندنا مِمَّنْ أمَرَ به، ولا نَعْلمُ حُجَّةً تُوجبُ وُضُوءًا في شيء من الكلامِ، وقد ثَبَت أنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ حَلَفَ باللَّاتِ والعُزَّى (٤) فَلْيَقُلْ: لَا إلهَ إلَّا اللهُ (٥) ". ولم يَأْمُرْ في ذلك بوُضُوءٍ.

فصل: وليس في القَهْقَهةِ وضوءٌ. رُوِىَ ذلك عن عُرْوة، وعَطَاء، والزُّهْرِيِّ، ومالِك، والشّافِعِيِّ، وإسْحاق، وابنِ المُنْذِر. وقال أصحابُ الرَّأْيِ: يجبُ الوضوءُ مِن القَهْقَهةِ داخِلَ الصلاةِ دونَ خارِجِها. ورُوِىَ ذلك عن الحَسَن، والنَّخَعِيِّ، والثَّوْرِيِّ؛ لما رَوَى أبو العالِيَة (٦)، أنَّ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُصَلِّي، فجاءَ ضَرِيرٌ فتَرَدَّى في بِئْرٍ، فضَحِكَ طَوَائِفُ، فأمرَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- الذين ضَحِكُوا أن يُعِيدُوا


(٤) سقط من: الأصل.
(٥) أخرجه البخاري، في: باب {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى}. في تفسير سورة والنجم، من كتاب التفسير، وفى: باب من لم ير إكفار من كفر أخاه متأولا أو جاهلا، من كتاب الأدب، وفى: باب كل لهو باطل إذا شغله عن طاعة اللَّه، من كتاب الاستئذان، وفى: باب لا يُحْلَف باللات والعزى ولا بالطواغيت، من كتاب الأيمان. صحيح البخاري ٦/ ١٧٦، ٨/ ٣٢، ٨٢، ١٦٥. ومسلم، في: باب من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا اللَّه، من كتاب الأيمان. صحيح مسلم ٣/ ١٢٦٧، ١٢٦٨. وأبو داود، في: باب الحلف بالأنداد، من كتاب الأيمان. سنن أبي داود ٢/ ١٩٨، ١٩٩. والترمذي، في: باب حدثنا إسحاق بن منصور، من أبواب النذور. عارضة الأحوذى ٧/ ٢٩، ٣٠. والنسائي، في: باب الحلف باللات، من كتاب الأيمان. المجتبى ٧/ ٧، ٨. والإمام أحمد، في: المسند ٢/ ٣٠٩. وانظر: جمع الجوامع ١/ ٧٧٣.
(٦) تقدم التعريف به في صفحة ١٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>