للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ولو بَاعَهُ بِدِينارٍ إلَّا درْهَمًا، أو إلَّا قَفِيزًا من حِنْطَةٍ أو شَعِيرٍ، لم يَصِحَّ البَيْعُ؛ لأنَّه قَصَدَ رَفْعَ قَدْرِ المُسْتَثْنَى من المُسْتَثْنَى منه. وقَدْرُ ذلك مَجْهُولٌ، فيَصِيرُ الثَّمَنُ مَجْهُولًا.

٧٣٠ - مسألة؛ قال: (وَإذَا اشْتَرَى الثَّمَرةَ دُونَ الْأصْلِ، فتَلِفَتْ بجَائِحَةٍ مِنَ السَّمَاءِ، رَجَعَ بِهَا عَلَى الْبائِعِ)

الكَلامُ فى هذه المَسْأَلَةِ فى فُصُولٍ ثلاثةٍ:

الأوَّل، أنَّ ما تُهْلِكُه الجائِحَةُ من الثِّمارِ من ضَمانِ البَائِعِ. وبهذا قال أَكْثَرُ أهْلِ المدينةِ، منهم. يَحْيَى بنُ سعيدٍ الأَنْصارِيُّ، ومالِكٌ، وأبو عُبَيْدٍ، وجَماعَةٌ من أهْلِ الحَدِيثِ. وبه قال الشَّافِعِيُّ فى القَدِيمِ. وقال أبو حنيفةَ، والشَّافِعِيُّ فى الجَدِيدِ: هو من ضَمانِ المُشْتَرِى؛ لِمَا رُوِىَ، أنَّ أمْرَأةً أَتَتِ النبيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقالَتْ: إنَّ ابنِى اشْتَرَى ثَمَرةً من فُلانٍ، فأذْهَبَتْها الجائِحَةُ، فَسَأَلَه (١) أن يَضَعَ عنه، فتَأَلَّى أنْ لا يَفْعَلَ. فقال النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "تَأَلَّى فُلَانٌ أنْ لَا يَفْعَلَ خَيْرًا". مُتَّفَقٌ عليه (٢). ولو كان واجِبًا لأجْبَرَهُ عليه؛ لأنَّ التَّخْلِيَةَ يَتَعَلَّقُ بها جَوازُ التَّصَرُّفِ، فتَعَلَّقَ بها الضَّمانُ، كالنَّقْلِ والتَّحْوِيلِ، ولأنَّه لا يَضْمَنُهُ إذا أَتْلَفَهُ آدَمِىٌّ، كذلك لا يَضْمَنُهُ بإتْلافِ غيرِه. ولنا، ما رَوَى مُسْلِمٌ (٣)، فى "صَحِيحِه" عن جابِرٍ، أنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمَرَ بِوَضْعِ الجَوائِحِ. وعنه قال: قال رسولُ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إن بِعْتَ من


(١) فى م: "فسألته".
(٢) أخرجه البخارى، فى: باب هل يشير الإِمام بالصلح، من كتاب الصلح. صحيح البخارى ٣/ ٢٤٤. ومسلم، فى: باب استحباب الوضع من الدين، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم ٣/ ١١٩٢. أخرجاه بغير لفظه عن أبي الرجال، عن أمِّه، عمرة عن عائشة.
كما أخرجه أيضًا من هذا الطريق الإِمام مالِك، فى: باب الجائحة فى بيع الثمار والزرع، من كتاب البيوع. الموطأ ٢/ ٦٢١.
(٣) فى: باب وضع الجوائح، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم ٣/ ١١٩١.
كما أخرجه أبو داود، فى: باب فى بيع السنين، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٢٨. والنسائى، =

<<  <  ج: ص:  >  >>