للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخِيكَ ثَمرًا، فأصابَتْهُ جائِحَةٌ، فَلَا يَحِلُّ لَكَ أنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا، لِمَ تَأْخُذُ مَالَ أخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ" رواه مُسْلِمٌ وأبو داود (٤)، ولَفْظُه: "مَنْ بَاعَ ثَمَرًا، فَأصَابَتْهُ جَائِحَةٌ فَلَا يَأْخُذْ مِنْ مَالِ أخِيهِ شَيْئًا، عَلَى مَ يَأْخُذُ أحَدُكُم مالَ (٥) أخِيهِ المُسْلِم؟ ". وهذا صَرِيحٌ فى الحُكْمِ فلا يُعْدَلُ عنه. قال الشَّافِعِيُّ: لم يَثْبُتْ عندى أنَّ رسولَ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أمَرَ بِوَضْعِ الجَوَائِحِ، ولو ثَبَتَ لم أَعْدُه، ولو كنتُ قائِلًا بِوَضْعِها لوَضَعْتُها فى القَلِيلِ والكَثِيرِ. قُلْنا: الحَدِيثُ ثابِتٌ. رواهُ الأئِمَّةُ، منهم: الإِمامُ أحمدُ، ويَحْيَى ابن مَعِينٍ، وعلىُّ بن حَرْبٍ، وغيرُهم، عن ابن عُيَيْنَةَ، عن حُمَيْدٍ الأعْرَجِ، عن سليمانَ بنِ عَتِيقٍ، عن جَابِرٍ. ورَوَاهُ مُسْلِمٌ فى "صَحِيحِه"، وأبو دَاوُدَ فى "سُنَنِه"، وابنُ مَاجَه وغيرُهم. ولا حُجَّةَ لهم فى حَديثِهم، فإنَّ فِعْلَ الوَاجِبِ خَيْرٌ، فإذا تَأَلَّى أن لا يَفْعَلَ الواجِبَ، فقد تَأَلَّى ألَّا يَفْعَلَ خَيْرًا. فأمَّا الإِجْبارُ، فلا يَفْعَلُه النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بمُجَرَّدِ قولِ المُدَّعِى من غيرِ إقْرارٍ مِن (٦) البائِعِ، ولا حُضورٍ. ولأنَّ التَّخْلِيَةَ ليست بقَبْضٍ تامٍّ، بِدَليلِ ما لو تَلِفَتْ بِعَطَشٍ عندَ بعضِهم. ولا يَلْزَمُ من إباحَةِ التَّصَرُّفِ تمامُ القَبْضِ، بِدَليلِ المَنافِعِ فى الإِجارَةِ يُباحُ التَّصَرُّفُ فيها، ولو تَلِفَتْ كانتْ مِن ضَمانِ المُؤْجِرِ، كذلك الثمَرةُ، فإنَّها فى شَجَرِها، كالمنافِعِ قبلَ (٧) اسْتِيفائِها، تُوجَدُ حالًا فَحالًا (٨)، وقِياسُهم يَبْطُل بالتَّخْلِيَةِ فى الإِجَارةِ.


= فى: باب وضع الجوائح، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٣٣. والإِمام أحمد، فى: المسند ٣/ ٣٠٩.
(٤) أخرجه مسلم، فى: باب وضع الجوائح، من كتاب المساقاة. صحيح مسلم ٣/ ١١٩٠. وأبو داود، فى: باب فى وضع الجائحة، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٤٨.
كما أخرجه النسائى، فى: باب وضع الجوائح، من كتاب البيوع. المجتبى ٧/ ٢٣٢، ٢٣٣. وابن ماجه، فى: باب بيع الثمار سنين والجائحة، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٤٧.
(٥) فى م: "من مال".
(٦) سقط من: "الأصل".
(٧) فى م زيادة: "قبل".
(٨) فى النسخ: "لحالا".

<<  <  ج: ص:  >  >>