للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثاني: أنَّ الجائِحَةَ كلُّ آفَةٍ لا صُنْعَ لِلْآدَمِيِّ فيها، كالرِّيحِ، والبَرْدِ، والجَرادِ، والعَطَشِ؛ لما رَوَى السَّاجِىُّ بإسْنادِه، عن جابِرٍ، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَضَى فى الجائِحَةِ (٩). والجائِحَةُ تكونُ فى البَرْدِ، والْجَرادِ، وفى الحبقِ (١٠)، والسَّيْلِ، وفى الرِّيحِ. وهذا تَفْسِيرٌ من الرَّاوى لكلامِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فيَجِبُ الرُّجوعُ إليه. وأمَّا ما كان بِفِعْلِ آدَمِيٍّ، فقال القاضى: المُشْتَرِى بالخِيارِ بين فَسْخِ العَقْدِ، ومُطالَبَةِ البائِعِ بالثَّمَنِ، وبين البَقاءِ عليه، ومُطالَبَةِ الْجانِى بالقِيمَةِ، لأنَّه أمكَنَ الرُّجوعُ بِبَدَلِه، بخِلافِ التَّالِفِ بالجائِحَةِ (١١).

الفصل الثالث: أنَّ ظاهِرَ المذهبِ، أنَّه لا فَرْقَ بين قَليلِ الجائِحَةِ وكَثيرِها، إلَّا أنَّ ما جَرَتِ العادَةُ بِتَلَفِ مثلهِ، كالشىءِ اليَسيرِ الذى لا يَنْضَبِطُ، فلا يُلْتَفَتُ إليه. قال أحْمَدُ: إنِّى لا أقول فى عَشْرِ ثَمَراتٍ، ولا عِشْرِينَ ثَمَرَةً، ولا أدرى ما الثُّلُثُ، ولكن إذا كانت جائِحَةٌ تُعْرَفُ؛ الثُّلُثُ، أو الرُّبْعُ، أو الخُمْسُ، تُوضَعُ. وفيه روايَةٌ أُخْرَى، أنَّ ما كان (١٢) دون الثُّلُثِ فهو مِن (١٣) ضَمانِ المُشْتَرِى، وهو مذهبُ مالِكٍ، والشَّافِعِيِّ فى القَديمِ؛ لأنَّه لابُدَّ أن يَأْكُلَ الطَّيْرُ منها، وتَنْثُرَ الرِّيحُ، ويَسْقُطَ منها، فلم يكُنْ بُدٌّ من ضابِطٍ واحِدٍ فاصِلٍ بين ذلك وبين الجائِحَةِ، والثُّلُثُ قد رَأيْنا الشَّرْعَ اعْتَبَرَهُ فى مَواضِعَ، منها؛ الوَصِيَّةُ، وعَطايا المَرِيضِ، وتَساوِى جِراحِ المَرْأَةِ جِراحَ (١٤) الرَّجُلِ إلى الثُّلُثِ. قال الأَثْرَمُ: قال أحمدُ: إنَّهم يَسْتَعْمِلونَ الثُّلُثَ فى سَبْعَ عَشَرَةَ مَسْأَلَةٍ. ولأنَّ الثُّلُثَ فى حَدِّ الكَثْرَةِ، وما دونه فى


(٩) تقدَّم تخريجه فى صفحة ١٧٧.
(١٠) كذا. ولم نعرفه.
(١١) فى الأصل: "بجائحة".
(١٢) فى م زيادة: "بعد".
(١٣) سقط من: "م".
(١٤) فى م: "وجراح".

<<  <  ج: ص:  >  >>