للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الزكاةُ؛ لأنَّها إنَّما تَسْقُطُ (١١) عمَّا أُعِدَّ للاسْتِعْمَالِ، لِصَرْفِه عن جِهَةِ النَّمَاءِ، ففيما عَدَاهُ يَبْقَى على الأَصْلِ، وكذلك ما اتُّخِذَ حِلْيَةً فِرَارًا من الزكاةِ لا يَسْقُطُ عنه. ولا فَرْقَ بين كَوْنِ الحَلْىِ المُباحِ مَمْلُوكًا لِامْرَأَةٍ تَلْبَسُه أو تُعِيرُه، أو لِرَجُلٍ يُحَلِّى به أهْلَه، أو يُعِيرُه، أو يُعِدُّه لذلك؛ لأنَّه مَصْرُوفٌ عن جِهَةِ النَّمَاءِ إلى اسْتِعمالٍ مُباحٍ، أشْبَهَ حَلْىَ المَرْأَةِ.

فصل: وقَلِيلُ الحَلْىِ كثِيرُه سَوَاءٌ في الإِباحةِ والزكاةِ. وقال ابنُ حامِدٍ: يُباحُ ما لم يَبْلُغْ أَلْفَ مِثْقَالٍ، فإنْ بَلَغَها حَرُمَ، وفيه الزكاةُ؛ لما رَوَى أبو عُبَيْدٍ (١٢)، والأَثْرَمُ، عن عَمْرِو بن دِينَارٍ، قال: سُئِلَ جَابِرٌ عن الحَلْىِ، هل فيه زَكَاةٌ؟ قال: لا. فَقِيلَ له: ألْفُ دِينارٍ؟ فقال: إنَّ ذلك لَكَثِيرٌ. ولأنَّه يَخْرُجُ إلى السَّرَفِ والخُيَلاءِ، ولا يُحْتاجُ إليه في الاسْتِعْمالِ، والأَوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّ الشَّرْعَ أبَاحَ التَّحَلِّى مُطْلَقًا من غير تَقْيِيدٍ، فلا يجوزُ تَقْيِيدُه بالرَّأْى والتَّحَكُّمِ، وحَدِيثُ جَابِرٍ ليس بِصَرِيحٍ في نَفْىِ الوُجُوبِ، وإنَّما يَدُلُّ على التَّوَقُّفِ، ثم قد رُوِىَ عنه خِلَافُه، فرَوَى الجُوزَجَانِيُّ، بإسْنَادِه عن أبى الزُّبَيْرِ، قال: سألتُ جابِرَ بنَ عبدِ اللهِ عن الحَلْىِ فيه زَكَاةٌ؟ قال: لا. قلتُ: إنَّ الحَلْىَ قد (١٣) يَكُونُ فيه أَلْفُ دِينارٍ. قال: وإن كان فيه، يُعَارُ ويُلْبَسُ (١٤). ثم إنَّ قَوْلَ جابِرٍ قَوْلُ صَحَابِيٍّ قد (١٥) خَالَفَهُ غَيْرُه ممَّن [أباحَ التَّحَلِّىَ] (١٦) مُطْلَقًا بغير تَقَيُّدٍ، فلا يَبْقَى قَوْلُه حُجَّةً، والتَّقْيِيدُ بالرَّأْىِ المُطْلَقِ والتَّحَكُّمُ غيرُ جائِزٍ.


(١١) في الأصل: "سقطت". وفى ب: "أسقطت".
(١٢) في: الأموال ٤٤٢.
(١٣) سقط من: ب، م.
(١٤) أخرجه ابن أبي شيبة، في: باب من قال ليس في الحلى زكاة، من كتاب الزكاة. المصنف ٣/ ١٥٥. والبيهقى، في: باب من قال لا زكاة في الحلى، من كتاب الزكاة. السنن الكبرى ٤/ ١٣٨.
(١٥) سقط من: م.
(١٦) في م: "أباحه".

<<  <  ج: ص:  >  >>