للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَحَّ، سَواءٌ عَلِمَ السَّيِّدُ أو لم يَعْلَمْ. فإذا أرادَ الرُّجوعَ على صاحِبِه بما أدَّى عنه، نَظَرْنا؛ فإنْ كان قد قَصَدَ التبرُّعَ عليه، لم يَرْجعْ به، وإِنْ أدَّاه مُحْتَسِبًا بالرُّجوعِ عليه، وكان الأداءُ بإذْنِ المُؤدَّى عنه، فهو قَرْضٌ، يلْزَمُه (٢٩) أداؤُه، كما لو اقْتَرَضَه (٣٠) منه. وإِنْ كان بغيرِ إذْنِه، لم يَرْجِعْ عليه؛ لأَنَّه تَبَرُّعٌ عليه بأداءِ ما لا يَلْزَمُه [أداؤُه بغيرِ إذْنِه، فلم يرْجِعْ عليه] (٣١)، كما لو تَصَدَّقَ عنه صَدَقَةَ تَطَوُّعٍ، وبهذا فارقَ سائِرَ الدُّيونِ. وإِنْ كان بإذْنِه، وطلبَ اسْتيفاءَه، قُدِّمَ على أداءِ مالِ الكتابةِ، كسائِرِ الديونِ. وإن (٣٢) عَجَزَ عن أدائِه، فحكْمُه حكمُ سائِرِ الدُّيونِ. وهذا كُلُّه مذهبُ الشافِعِىِّ.

فصل: ولا يَصِحُّ ضَمانُ (٣٣) الحُرِّ لمالِ الكتابةِ. وذكرَ القاضى فيبه رِوَايَتَيْن؛ إحْداهُما، يصِحَّ ضَمانُه؛ لأَنَّه عِوَضٌ فى مُعاوَضَةٍ (٣٤)، فصَحَّ ضَمانُه، كثَمَنِ الْمَبِيعِ (٣٥). ولَنا، ما ذَكَرْناه من قَبْلُ، ولا يصِحُّ قِياسُه على الثَّمنِ؛ لأَنَّه (٣٦) لازِمٌ، وهذا غيرُ لازِمٍ.

فصل: وإِنْ (٣٧) أَدَّوا ما عليهم، أو بعضَه، ثم اخْتَلَفُوا، فقال مَنْ كَثُرَتْ قِيمتُه: أدَّى كُلُّ واحِدٍ منَّا (٣٨) بقَدْرِ ما عليه، فلا فَضْلَ لأحَدِنا على صاحِبه. وقال مَنْ قَلَّتْ قِيمَتُه: أدَّيْنا على السَّواءِ، فلى الفَضْلُ عليكَ، أو يكونُ وَدِيعةً لى عندَ سَيِّدِنا. فالقَولُ قولُ الأوَّلِ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنّ مَنْ عليه دَيْنٌ لا يُؤَدِّى أكثرَ منه، فرَجَحَتْ دَعْواهُ بذلك. فإنْ كان المُؤَدَّى أكثَرَ ممَّا عليهم، واخْتَلَفُوا فى الزِّيادةِ، فالقَوْلُ قولُ مَنْ يَدّعِى التَّساوِىَ؛ لأنَّهم اشْتَرَكُوا فى أدائِه، فكانتْ أيْدِيهم عليه، فاسْتَوَوْا فيه، كما لو كان فى أيدْيِهم مالٌ فاخْتَلَفُوا فيه.


(٢٩) فى ب: "لزمه".
(٣٠) فى الأصل، ب: "أقرضه".
(٣١) سقط من: م.
(٣٢) فى م: "وإذا".
(٣٣) فى م: "ضمانه".
(٣٤) فى أزيادة: "يضمن".
(٣٥) فى الأصل: "البيع".
(٣٦) فى ب: "ولأنه".
(٣٧) فى م: "وإذا".
(٣٨) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>