للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كافِرَيْنِ، ويجوز اسْتِرْقاقُه؛ لأنَّه ليس بمُرْتَدٍّ. نصَّ عليه أحمدُ. وهو (٤) ظاهِرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ وأبى بكرٍ. ويَحتَمِلُ أنْ لا يجوزَ اسْترقاقُهم؛ لأن آباءَهم لا يجوزُ اسْتِرْقاقُهم، ولأنَّهم لا يُقَرُّون بالجِزْيةِ، فلا يُقَرُّونَ بالاسْترقَاقِ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِىّ. وقال أبو حنيفة: إنْ وُلِدُوا في دارِ الإِسلامِ، لم يَجُزِ اسْتِرْقاقُهم، وإن وُلِدُوا في دارِ الحربِ، جازَ اسْترقاقُهم. وَلنا، أنَّهم لم يثْبُتْ لهم حكمُ الإِسلامِ، فجازَ اسْترقاقُهم، كوَلدِ الحَرْبِيَّيْن، بخلافِ آبائِهم. فعلَى هذا، إذا وَقَعَ في الأسْرِ بعدَ لُحُوقِهِ بدارِ الحربِ، فحكْمُه حكمُ سَائِرِ أهلِ دارِ الحربِ، وإن كان في دارِ الإِسلامِ، لم يُقَرَّ بالجِزْيَةِ، وكذلك لو بذلَ الجزيةَ بعدَ لُحوقِهِ بِدارِ الحربِ، لم يُقَرَّ بها؛ لأنَّه انْتقلَ إلى الكفرِ بعدَ نُزولِ القرآن. فأمَّا من كان حَمْلًا حالَ (٥) رِدَّتِه، فظاهرُ كلامِ الْخِرَقِىِّ (٦) أنَّه كالحادثِ بعدَ كُفْرِه. وعندَ الشافِعِىِّ، هو كالمَوْلُودِ؛ لأنَّه مَوْجُودٌ، ولهذا يَرِثُ. ولَنا، أنَّ أكثرَ الأحكامِ إنما تتعلَّقُ به بعدَ الوَضْعِ، فكذلك هذا الحكمُ.

١٥٤٦ - مسألة؛ قال: (ومَنِ امْتَنَعَ مِنْهُمَا أوْ مِنْ أوْلَادِهِما الَّذِين وَصَفْتُ مِنَ الإِسلَامِ بَعْدَ البُلُوغِ، اسْتُتِيبَ ثَلَاثًا، فَإنْ لم يَتُبْ قُتِلَ)

قوله: الذِين وَصَفْتُ. يَعْنِى الَّذِين وُلِدُوا قبلَ الرِّدَّة، فإنَّهم محكومٌ بإسلامِهم، فلا يُسْتَرَقُّونَ. ومتى قَدَرَ على الزَّوْجَيْنِ، أو على أولادِهما، اسْتُتِيبَ مَنْ كان منهم بالغًا عاقِلًا، فإن لم يَتُبْ قُتِلَ، ومن كان غيرَ بالِغٍ، انتظَرْنَا بُلوغَه، ثم استَتَبْناهُ، فإن لم يَتُبْ قُتِلَ، ويَنْبغِى أن يُحْبَسَ حتى لا يَهْرُبَ.

فصل: ومتى ارْتَدَّ أهلُ بلدٍ، وجَرَتْ فيه أحكامُهم، صارُوا دارَ حربٍ؛ في اغْتنامِ أمْوالِهم، وسَبْىِ ذَرارِيهم الحادِثِين بعدَ الرِّدَّةِ، وعلى الإِمامِ قتالُهم، فإنَّ أبا بكرٍ الصِّدِّيقَ،


(٤) في ب: "وهذا هو".
(٥) في ب، م: "حين".
(٦) في ب زيادة: "في".

<<  <  ج: ص:  >  >>