للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أصحابُنا أنَّ المذهبَ أنَّه لا يُجْبَرُ المُمْتنِعُ على القِسْمَةِ (٢٤)؛ لِنَهْىِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عن إضاعةِ المالِ، ولأنَّ طلبَ القِسْمةِ مِن المُستضِرِّ سَفَهٌ، فلا يجبُ إجابتُه إلى السَّفَهِ. قال الشَّريفُ: متى كان أحدُهما [يَسْتضِرُّ، لم تجبِ القِسْمَةُ. وقالَ أبو حنيفةَ: متى كانَ أحدُهما] (٢٥) يَنْتفِعُ بها، وَجبتْ. وقال الشَّافعىُّ: إنِ (٢٦) انْتفعَ بها الطالبُ، وجبَتْ، وإن اسْتَضرَّ بها الطالبُ، فعلى وَجْهَيْن. وقال مالكٌ: تجبُ على كلِّ حالٍ. ولو كانت دارٌ بينَ ثلاثةٍ، لأحدِهم نِصْفُها، وللآخرَيْنِ نِصْفُها، لكلِّ واحدٍ منهما رُبعُها، فإذا قُسِمَت اسْتضَرَّ كلُّ واحدٍ منهما، ولم (٢٧) يسَتضِرَّ صاحبُ النِّصْفِ، فطلَبَ صاحبُ النِّصْفِ القِسْمَةَ، وجبَتْ إجابتُه؛ لأنَّه يُمْكِنُ قِسْمتُها نِصفيْنِ، فيَصِيرُ حقُّهما لهما دارًا، وله النِّصْفُ، فلا يسْتَضِرُّ أحدٌ منهما. ويَحْتَمِلُ أن لا تجبَ عليهما الإجابةُ؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهما يسْتضِرُّ بإفْرازِ نَصِيبِه. [وإن طلَبا المُقاسَمةَ، فامْتنعَ صاحبُ النِّصفِ، أُجبرَ؛ لأنَّه لَا ضَرَرَ على واحدٍ منهم. وإن طلَبا إفْرازَ نَصيبِ كلِّ واحدٍ منهما، أو طلبَ أحدُهما إفْرازَ نصيبِه] (٢٥)، لم تَجبِ القِسْمةُ على قياسِ المذهبِ؛ لأنَّه إضْرارٌ بالطَّالبِ وسَفَهٌ. على الوَجْهِ الذى ذكَرْناه تجِبُ القِسْمةُ؛ لأنَّ المطلوبَ منه لا ضَررَ عليه. الحال الثاني، الذى لا يُجْبَرُ أحدُهما على القِسمةِ، وهى ما إذا عُدِمَ أحدُ الشُّروطِ الثلاثةِ، فلا تجوزُ القِسْمةُ إلَّا برِضاهما، وتُسمَّى قِسْمةَ التَّراضِى، وهى جائِزةٌ مع اخْتلالِ الشُّروطِ كلِّها؛ لأنَّها بمَنْزلةِ البَيْعِ والمُناقلَةِ، وبيعُ ذلك جائزٌ.

فصل: إذا كانتْ دارٌ بينَ اثنَيْنِ، سُفْلُها وعُلْوُها، فإذا طلَبا قَسْمَها؛ نظرتَ، فإن طلبَ أحدُهما قِسْمةَ السُّفْلِ والعُلْوِ بينهما، ولا ضررَ في ذلك، أُجْبِرَ الآخَرُ عليه. لأنَّ (٢٨) البناءَ في الأرضِ يَجْرِى مَجْرَى الغَرْسِ، يتْبَعُها (٢٩) في البَيْعِ والشُّفْعَةِ، ثم لو طَلَبَ قِسْمةَ


(٢٤) فى ب، م: "القسم".
(٢٥) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(٢٦) في ب: "متى".
(٢٧) في ب، م: "ولا".
(٢٨) في م: "أن".
(٢٩) في م: "فيتبعها".

<<  <  ج: ص:  >  >>