للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلِك. ويُشْتَرَطُ أَنْ يكونَ فرسُ المُحَلِّلِ مُكافِئًا لفَرَسَيْهِما، أو بعيرُه مُكافِئًا لبعِيرَيْهِما، ورَمْيُه لِرَمْيَيْهِما، فإنْ لم يكُنْ مُكافِئًا، مثل أن يكون فَرَساهما جَوادَيْن وفرسُه بَطِىءٌ، فهو قِمارٌ؛ للخَبرِ، ولأنَّه مَأْمونٌ سَبْقُه، فوُجودُه كعَدَمِه. وإِنْ كان مُكافِئًا لهما، جازَ. فإنْ جاءُوا كلُّهم الغايَةَ دَفْعَةً واحِدَةً، أحرزَ كلُّ واحِدٍ منهما سَبَقَ نفْسِه، ولا شىءَ للمُحِلِّ؛ لأنَّه لا سابِقَ فيهم، وكذلك إنْ سَبَقَ المُسْتَبِقان المُحَلِّلَ، وإن سَبَقَ المُحَلِّلُ وَحْدَه، أحْرَزَ السَبَقَيْن بالاتِّفاقِ، وإِنْ سبقَ أحدُ المُسْتَبِقَيْن وَحْدَه، أَحْرَزَ سَبَقَ نَفْسِه، وأخذَ سَبَقَ صاحِبه، ولم يأْخُذْ من المُحلِّلِ شيئًا، وإِنْ سَبَقَ أحدُ المُسْتَبِقَيْن والمُحَلِّلُ، أحْرَزَ السَّابِقُ مالَ نفْسِه، ويكون سَبَقُ المَسْبوقِ بين السابِقِ والمُحَلِّلِ نِصْفَيْن، وسواءٌ كان المُسْتَبِقُون (١٢) اثْنَيْن أو أكثرَ، حتى لو كانُوا مائَةً وبينهم مُحَلِّلٌ لا سَبَقَ منه، جازَ. وكذلك لو كان المُحَلِّلُ جماعةً، جازَ؛ لأَنَّه لا فَرْقَ بينَ الاثنين والجماعَةِ. وهذا كلُّه مذهبُ الشافِعِىِّ.

فصل: ويُشْتَرَطُ فى المسابَقَةِ بالحيوانِ تَحْدِيدُ المسافَةِ، وأنْ يكونَ لابْتداءِ عَدْوِهما وآخرِه غايَةٌ لا يخْتلِفان فيها؛ لأنَّ الغرضَ معرِفَةُ أسْبَقِهما، ولا يُعْلَمُ ذلك إلَّا بِتَساوِيهما فى الغايَةِ، ولأنَّ أحدَهما قد يكونُ مُقَصِّرا فى أوَّلِ عَدْوِه، سَرِيعًا فى انْتِهائِه، وقد يكون بضِدِّ ذلك، فيَحْتاجُ إلى غايةٍ تجْمَعُ حالَيْه، ومن الخيلِ ما هو أصْبَرُ، والقارِحُ أصْبَرُ من غَيْرِه. وقد رَوَى ابنُ عمرَ، أَنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سَبَّقَ بينَ الخيلِ، وفَضَّلَ القُرَّحَ فى الغايَةِ. روَاه أبو داودَ (١٣). وسَبَّق بينَ الخَيْلِ المُضْمَرةِ من الْحَفياءِ إلى ثَنِيَّة الوَداعِ، وذلك سِتَّةُ أميالٍ أو سَبْعَةٌ، وبين التى لم تُضْمَرْ من الثَّنِيَّةِ إلى مَسْجِدِ بنى زُرَيقٍ، وذلك مِيلٌ أو نحوُه (١٤). فإن اسْتَبَقا بغيرِ غاية، لِيُنْظَرَ أيُّهُما يقفُ أوَّلًا، لم يَجُزْ؛ لأنَّه يُؤدِّى إلى أَنْ لا يقِفَ أحدُهما حتى يَنْقَطِعَ فَرَسُه، ويتَعَذَّرَ الإِشْهادُ على السَّبْقِ فيه. ويُشْتَرَطُ فى المُسابَقَةِ إرسالُ الفَرَسَيْنِ أو


(١٢) فى الأصل، ب: "المسبوق".
(١٣) فى: باب فى السبق، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود ٢/ ٢٨.
كما أخرجه الإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ١٥٧. والدارقطنى، فى: كتاب السبق بين الخيل. سنن الدارقطنى ٤/ ٢٩٩.
(١٤) تقدم تخريجه، فى صفحة ٤٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>