للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجُعْلُ منهما (٣)، فأخرَجَ كلُّ واحِدٍ منهما، لم يَجُزْ، وكان قِمارًا؛ لأنَّ كلَّ واحِدٍ منهما لا يَخْلُو من أَنْ يغْنَمَ أو يغْرَمَ، وسواءٌ كان ما أَخْرَجاه مُتَساوِيًا، مثل أَنْ يُخْرِجَ كُلُّ واحدٍ منهما عشرةً، أو مُتفاوِتًا مثل إنْ أخْرَجَ أحدُهما عشرةً والآخرُ خمسةً. ولو قال: إنْ سَبَقتَنِى فلَكَ علىَّ (٤) عشرةٌ، وإِنْ سَبَقْتُكَ فلى عليك قَفِيزٌ حِنْطَةً. [أو قال: إنْ سَبَقْتَنِى فلكَ علَىَّ عشرةٌ ولى عليكَ قَفِيزُ حِنْطَةٍ (٥). لم يجزْ] (٦)؛ لما ذَكَرْناه. فإنْ أدْخَلَا بينهما مُحَلِّلًا، وهو ثالثٌ لم يُخْرِجْ شيئًا، جازَ. وبهذا قال سعيدُ بنُ المُسَيَّبِ، والزُّهْرِىُّ، والأوْزَاعِىُّ، وإسحاقُ، وأصْحابُ الرّأْىِ. وحَكَى أشهبُ، عن مالِكٍ، أنَّه قال فى المُحَلِّلِ: لا أُحِبُّه. وعن جابِرِ بنِ زَيْدٍ، أنَّه قيلَ له: إن أصحابَ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- كانُوا لا يَرَوْنَ بالدَّخِيلِ بأْسًا. قال: هُمْ أَعَفُّ من ذلك. ولَنا، ما رَوَى أبو هُرَيْرَةَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَن أَدْخَلَ فَرَسًا بَيْنَ فَرَسَيْن، وهُوَ لا يُؤْمَنُ (٧) أَنْ يَسْبِقَ، [فلَيْسَ بِقِمارٍ (٨)، ومن أدخَلَ فرَسًا بَيْنَ فرَسَيْنِ، وقَدْ أَمِنَ أَنْ يَسْبِقَ] (٩) فهُوَ قَمارٌ". روَاه أبو داوُدَ (١٠). فجَعَلَه قِمارًا إذا أمِنَ أَنْ يَسْبِقَ؛ لأنَّه لا يخْلُو كُلُّ واحدٍ منهما من أَنْ يغْنَمَ أو يغْرَمَ، وإذا لم يُؤمَنْ (١١) أَنْ يسْبِقَ، لم يكُنْ قِمارًا؛ لأنَّ كُلَّ واحِدٍ منهما يجوزُ أَنْ يخْلُوَ عن


(٣) فى ب، م: "بينهما".
(٤) سقط من: أ.
(٥) سقط من: م.
(٦) سقط من: ب.
(٧) فى الأصل، أ: "يأمن". وهو موافق لما فى سنن ابن ماجه.
(٨) فى الأصل، أ: "قمارا".
(٩) سقط من: ب. نقل نظر.
(١٠) فى: باب فى المحلل، من كتاب الجهاد. سنن أبى داود ٢/ ٢٨، ٢٩.
كما أخرجه ابن ماجه، فى: باب السبق والرهان، من كتاب الجهاد. سنن ابن ماجه ٢/ ٩٦٠. والإمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٥٠٥.
وفى حاشية ب: أن شيخ الإسلام أبا العباس ابن تيمية قال: هذا الحديث مما يعلم أهل العلم بالحديث أنه ليس من كلام النبى -صلى اللَّه عليه وسلم-، وإنما هو من كلام سعيد بن المسيب نفسه. . . فى كلام طويل أشار فيه إلى أن الإمام مالك ذكره فى الموطأ عن سعيد بن المسيب نفسه.
وانظر: باب ما جاء فى الخيل والمسابقة بينها. . .، من كتاب الجهاد. الموطأ ٢/ ٤٦٨.
(١١) فى م: "يأمن".

<<  <  ج: ص:  >  >>