للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إعْتاقٍ، فلم يكُنْ مُمْتَثِلًا للأَمْرِ (٣)، ولأنَّ عِتْقَه مُسْتَحَقٌّ بسَبَبٍ آخَرَ، فلم يُجْزِئْه، كما لو وَرِثَه يَنْوِى به العِتْقَ عن كَفَّارَتِه، أو كأُمِّ (٤) الوَلَدِ، ويُخالِفُ المُشْترِى البائِعَ من وَجْهَيْن؛ أحدُهما، أَنَّ البائِعَ يَعْتِقُه والمُشْتَرِىَ لم يَعْتِقْه، إنَّما يَعْتِقُ بإعْتاقِ الشَّرْعِ، فهو (٥) عن غيرِ اخْتيارٍ منه. والثانى، أَنَّ البائِعَ لا يسْتَحِقُّ عليه إعْتاقَه، والمُشْتَرِىَ بخِلافِه.

فصل: إذا مَلَكَ نصفَ عبدٍ، فأعْتَقَه غن كَفَّارَتِه، عَتَقَ، وسَرَى إلى باقيهِ إِنْ كان مُوسِرًا بقِيمَةِ باقِيه، ولم يُجْزِئْه عن كَفّارَتِه، فى قولِ أبى بكرٍ الخَلَّالِ (٦)، وصاحبِه، وحَكاه عن أحمدَ. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّ عِتْقَ نَصِيبِ شَرِيكِه لم يحْصُلْ بإعْتاقِه، إنَّما حصَلَ بالسِّرايَةِ، وهى غيرُ فِعْلِه، وإنَّما هى من آثارِ فِعْلِه، فأَشْبَهَ ما لو اشْتَرَى مَن يَعْتِقُ عليه يَنْوِى به الكَفّارَةَ، يُحقِّقُ هذا، أنَّه لم يُباشِرْ بالإعْتاقِ إِلَّا نَصِيبَه، فسَرَى إلى غيرِه، ولو خَصَّ نَصِيبَ غيرِه بالإِعْتاقِ، لم يَعْتِقْ منه شىءٌ، ولأنَّه إنَّما يَمْلِكُ (٧) إعْتاقَ نَصِيبِه، لا نَصِيبَ غيرِه. وقال القاضى: قال غيرُهما من أصحابِنا: يُجْزِئُه إذا نَوَى إعْتاقَ جَمِيعِه عن كَفَّارَتِه. وهو مذهبُ الشافِعِىِّ؛ لأنَّه أعْتَقَ عَبْدًا كامِلَ الرِّقِّ، سليمَ الخَلْقِ، غيرَ مُسْتَحِقِّ العِتْق، ناوِيًا به الكَفَّارَةَ، فأَجْزَأَه، كما لو كان الجميعُ مِلْكَه. والأوّلُ أصَحُّ، إِنْ شاءَ اللَّه، ولا نُسَلِّمُ أنَّه أعْتَقَ العبدَ كلَّه، وإنَّما أعتَقَ نِصْفَه، وعَتَقَ الباقِى عليه، فأشْبَهَ شِراءَ قَرِيبِه، ولأن إعْتاقَ باقِيه مُسْتَحَقٌّ بالسِّرايَةِ، فهو كالقريبِ، فعلى هذا: هل يُجْزِئُه عِتْقُ نصفِه الذى هو مِلْكُه، ويَعْتِقُ نصْفًا آخَرَ، فتكْمُلُ الكَفَّارَةُ؟ يَنْبَنِى على ما إذا أعْتَقَ نِصْفَىْ عَبْدَيْن، وسَنَذْكُرُه إِنْ شاءَ اللَّه تعالى. وإِنْ نَوَى عِتْقَ نَصِيبه عن الكَفَّارَةِ، ولم يَنْوِ ذلك فى نَصِيبِ شَريكِه، لم يُجْزِئْه نَصِيبُ شريكِه، وفى نَصِيبِ (٨) نفسِه ما سَنَذْكُرُه، إِنْ شاءَ اللَّه تعالى. ولو كان مُعْسِرًا، فأعْتقَ نَصِيبَه عن كفَّارَتِه، فكذلك، فإنْ مَلَكَ باقِيَه،


(٣) سقط من: ب.
(٤) فى م: "وكأم".
(٥) فى أ، ب: "فهذا". وفى م: "وهذا".
(٦) فى الأصل: "والخلال". وفى م: "خلال". وكنية الخلال أبو بكر، وكنية صاحبه عبد العزيز بن جعفر أبو بكر أيضًا.
(٧) فى ب: "ملك".
(٨) فى م: "نصيبه".

<<  <  ج: ص:  >  >>