للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنِّيئَةِ. وَرُوِىَ عن مالِكٍ، وأبى يوسفَ، ومحمدٍ، وأبى ثَوْرٍ، أنَّه لا بَأْسَ بِبَيْعِ الدَّقيقِ بالسَّويقِ مُتَفاضِلًا؛ لأنَّهما جِنْسانِ. ولنا، أنَّهما أَجْزاءُ جِنْسٍ واحِدٍ، فلم يَجُزِ التَّفاضُلُ بينهما، كالدَّقيقِ مع الدَّقيقِ، والسَّويقِ مع السَّويقِ (١٢).

فصل: فأمَّا ما فيه غيرُه، كالخُبْزِ، وغيرِه، فهو نَوْعانِ؛ أحَدُهُما، أن يكونَ ما فيه مِنْ غيرِه غيرَ مَقْصودٍ فى نَفْسِه، إنَّما جُعِلَ فيه (١٣) لِمَصْلَحَتِه، كالخُبْزِ والنَّشَاءِ، فيَجُوزُ بَيْعُ كلِّ واحِدٍ منهما بِنَوْعِه، إذا تَساويا فى النَّشافَةِ، والرُّطوبَةِ. ويُعْتَبَرُ التَّساوِى فى الوَزْنِ؛ لأنَّه يُقَدَّرُ به فى العادَةِ، ولا يُمْكِنُ كَيْلُه. وقال مالِكٌ: إذا تَحَرَّى أن يكونَ مِثْلًا بمِثْلٍ، فلا بَأْسَ به، وإن لم يُوزَنْ. وبه قال الأَوْزاعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ. وحُكِىَ عن أبى حنيفةَ: لا بأْسَ به قُرْصًا بِقُرْصَيْنِ. وقال الشَّافِعِىُّ: لا يجوزُ بَيْعُ بَعضِه بِبعضٍ بِحالٍ، إلَّا أن يَيْبَسَ، ويُدَقَّ دَقًّا نَاعِمًا، ويُباعَ بالكَيْلِ، ففيه قَوْلَانِ؛ لأنَّه مَكيلٌ يَجِبُ التَّساوِى فيه، ولا يُمْكِنُ كَيْلُه، فتَعَذَّرَتِ المُساواةُ فيه، ولأنَّ فى كلِّ واحِدٍ منهما من غيرِ جِنْسِه، فلم يَجُزْ بَيْعُه به (١٣)، كالمَغْشُوشِ من الذَّهَبِ والفِضَّةِ، وغَيْرِهما. ولنا، على وُجُوبِ التَّساوِى، أنَّه مَطْعُومٌ مَوْزونٌ، فَحُرِّمَ التَّفاضُلُ فيهما، كاللَّحْمِ، واللَّبَنِ، ومتى وَجَبَ التَّساوِى، وَجَبَتْ مَعْرِفَةُ حَقِيقَةِ التَّساوِى فى المِعْيارِ الشَّرْعِىِّ، كالحِنْطَةِ بالحِنْطَةِ، والدَّقيقِ بالدَّقيقِ. ولنا على الشَّافِعِىِّ، أنَّ مُعْظَمَ نَفْعِه فى حالِ رُطوبَتِه، فجازَ بَيْعُه به، كاللَّبَنِ باللَّبَنِ. ولا يَمْتَنِعُ أن يكونَ مَوْزونًا، أصْلُه غيرُ مَوْزونٍ، كاللَّحْمِ، والأَدْهانِ. ولا يَجوزُ بَيْعُ الرَّطْبِ باليابِسِ؛ لانْفِرادِ أحَدِهِما بالنَّقْصِ فى ثانى الحالِ، فأشْبَهَ الرُّطَبَ بالتَّمْرِ. ولا يَمْنَعُ زِيادَةُ أخْذِ النَّارِ من أحَدِهما أكْثَرَ من الآخَرِ حالَ رُطوبَتِهما إذا لم يَكْثُرْ؛ لأنَّ ذلك يَسِيرٌ، ولا يمْكِنُ التَّحَرُّزُ منه، أشْبَهَ بَيْعَ الحَديثَةِ بالعَتيقَةِ. ولا يَلْزَمُ ما فيه


(١٢) فى م: "بالسويق".
(١٣) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>