للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ليس لنا (٢) فى الباب شىءٌ أصحَّ من حديثِ ابن عبَّاسٍ أنَّه فَسْخٌ. واحْتَجَّ ابنُ عبَّاسٍ بقوله تعالى: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ} (٣). ثم قال: {فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} (٣)، ثم قال: {فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} (٤). فذكَر تطْليقتَيْنِ والخُلعَ وتَطْليقةً بعدَها، فلو كان الخُلْعُ طَلاقًا لَكان أربعًا، ولأنَّها فُرقةٌ خَلَتْ عن صَريحِ الطَّلاقِ ونِيَّتِه، فكانت فَسْخًا، كسائرِ الفُسُوخِ. ووَجْهُ الثَّانيةِ أنَّها بَذَلتْ العِوَضَ للفُرقةِ، والفُرْقةُ التى يَمْلِكُ الزَّوجُ إيقاعَها هى الطَّلاقُ دونَ الفسخِ، فوجبَ أن يكونَ طلاقًا، ولأنَّه أتى بكِنَايةِ الطَّلاقِ، قاصدًا فِرَاقَها، فكان طلاقًا، كغيرِ الخُلْعِ. وفائدةُ الرِّاويتيْنِ، أنَّا إذا قُلْنا: هو طَلْقةً. فخالَعَها مَرَّةً، حُسِبَتْ طَلْقةً، فنَقَصَ (٥) بها عددُ طَلاقِها (٦). وإن خالعَها ثلاثًا، طَلُقَتْ ثلاثًا، فلا تَحِلُّ له مِن بعدُ حتى تَنْكِحَ زوجًا غيرَه. وإن قُلْنا: هو فسخٌ. لم تَحرُمْ عليه، وإن خالعَها مائةَ مرَّةٍ. وهذا الخلافُ فيما إذا خالعَها بغيرِ لَفْظِ الطَّلاقِ، ولم يَنْوِه. فأمَّا إن بذَلتْ له العِوَضَ على فراقِها، فهو طَلاقٌ، لا اخْتلافَ فيه، وإن وقعَ بغيرِ لَفْظِ الطَّلاقِ، مثل كناياتِ الطَّلاقِ، أو لفظِ الخُلْعِ والمُفاداةِ، ونحوِهما، ونَوَى به الطَّلاقَ، فهو طلاق أيضًا؛ لأنَّه كِناية نَوَى الطَّلاقَ، فكانت طلاقًا، كما لو كان بغيرِ عِوَضٍ، فإن لم يَنْوِ بِهِ الطَّلاقَ، فهو الذى فيه الرِّوايتانِ. واللَّهُ أعلمُ.

فصل: وألفاظُ الخُلْعِ تَنقسمُ إلى صريحٍ وكِنايةٍ؛ فالصَّريحُ ثلاثةُ ألفاظٍ؛ خالعتُكِ؛ لأنَّه ثبتَ له العُرفُ. والمُفاداةُ؛ لأنَّه وَرَدَ به القرَآنُ، بقوله سبحانه:


(٢) سقط من ب، م.
(٣) سورة البقرة ٢٢٩.
(٤) سورة البقرة ٢٣٠.
(٥) فى ب، م: "فينقص".
(٦) فى أ، ب، م: "طلاقه".

<<  <  ج: ص:  >  >>