للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أى أدْرَكَ فَضْلَ الصلاةِ، ولم تَفُتْهُ، كذلك الحَجُّ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه يَفْسُدُ حَجُّهُما جميعا؛ لأنَّ الجِماعَ وُجِدَ منهما، وسَوَاءً فى ذلك النَّاسِى والعامِدُ، والمُستَكْرَهَةُ والمُطاوِعَةُ، والنَّائِمةُ (٦) والمُسْتَيْقِظَةُ، عَالِمًا كان الرَّجُلُ أو جاهِلًا. وقال الشَّافِعِىُّ، فى أحَدِ قَوْلَيْهِ: لا يَفْسُدُ حَجُّ النَّاسِى؛ لأنَّه مَعْذُورٌ. ولَنا، أنَّه مَعْنًى يُوجِبُ القَضاءَ، فاسْتَوَتْ فيه الأحْوالُ كُلُّها كالفَواتِ، ولا فَرْقَ بين ما بعدَ يومِ النَّحْرِ أو قبلَه؛ لأنَّه وَطِئَ قبلَ التَّحَلُّلِ الأوَّلِ، ففَسَدَ حَجُّهُ، كما لو وَطِئَ يومَ النَّحْرِ. الفصل الثانى، أنَّه يَلْزَمُه بَدَنَةٌ. وبهذا قال مَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: إن وَطِئَ قبلَ الوُقوفِ فَسَدَ حَجُّهُ وعليه شَاةٌ، وإن وَطِئَ بعدَه لم يَفْسُدْ حَجُّهُ، وعليه بَدَنَةٌ؛ لأنَّ الوَطْءَ قبلَ الوُقُوفِ مَعْنًى يَتَعَلَّقُ به وُجُوبُ القَضاءِ، فلم يُوجِبْ بَدَنَةً، كالفَواتِ. ولَنا، أنَّه قد رُوِىَ عن عُمَرَ وابنِ عَبّاسٍ مثلُ قَوْلِنَا، ولأنَّه وَطْءٌ صَادَفَ إحْرامًا تَامًّا، فأوْجَبَ البَدَنَةَ، كما بعدَ الوُقُوفِ، ولأنَّ ما يُفْسِدُ الحَجَّ الجِنَايَةُ به أعْظَمُ، فكَفَّارَتُه يَجِبُ أن تكونَ أغْلَظَ. وأمَّا الفَواتُ، فإنَّهم يُوجِبُونَ به بَدَنَةً (٧)، فكيف يَصِحُّ القِياسُ عليه؟ الفصل الثالث، أنَّه لا دَمَ عليها فى حالِ الإِكْراهِ. وهو قَوْلُ عَطاءٍ، ومَالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وإسحاقَ، وأبى ثَوْرٍ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: عليها دَمٌ آخَرُ؛ لأنَّه قد فَسَدَ حَجُّهَا، فوَجَبَتِ البَدَنَةُ (٨)، كما لو طاوَعَتْ. ولَنا، أنَّها كَفَّارَةٌ تَجِبُ بالجِماعِ، فلم تَجِبْ على المَرْأَةِ فى حالِ الإِكْراهِ، [كما لو وَطِئَ] (٩) فى الصِّيامِ (١٠).

فصل: ومَن وَطِئَ قبلَ التَّحَلُّلِ من العُمْرَةِ، فَسَدَتْ عُمْرَتُه، وعليه شَاةٌ مع


(٦) سقط من: ب، م.
(٧) فى الأصل، أ: "فدية".
(٨) فى الأصل: "الفدية".
(٩) فى أ: "كالوطء".
(١٠) فى ب، م: "الصوم".

<<  <  ج: ص:  >  >>