للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِعْلٍ، فلم يَضْمَنْها، كالذى لم يَنْوِ، وفارَقَ المُلْتَقِطَ بقَصْدِ التَّمَلُّكِ (١٤)، فإنَّه عَمِلَ فيها بأخْذِها ناوِيًا للخِيانةِ فيها، فوَجَبَ الضَّمانُ بفِعْلِه المَنْوِىِّ، لا بمُجَرَّدِ النِّيَّةِ. ولو الْتَقَطها قاصِدًا لتَعْرِيفها، ثمَّ نَوَى بعدَ ذلك إمْساكَها لِنَفْسِه، كانت كمسأَلَتِنا. ولو أخْرَجَها بِنِيَّةِ الاسْتعمالِ، فلم يسْتَعْمِلْها، ضَمِنَها. وبهذا قال الشَّافعىُّ. وقال أبو حنيفةَ: لا يَضْمَنُها إلَّا بالاسْتعمالِ؛ لأنَّه لو أخْرَجَها لِنَقْلِها (١٥) لم يَضْمَنْها. ولَنا، أنَّه تَعَدَّى بإخْراجِها، أشْبَهَ ما لو اسْتَعْملَها، بخلافِ ما إذا نَقَلَها (١٦).

فصل: والمُودَعُ أمينٌ، والقولُ قولُه فيما يَدَّعِيه من تَلَفِ الوَديعةِ. بغيرِ خلافٍ. قال ابنُ المنذرِ: أجْمَعَ كلُّ مَنْ أحْفَظُ عنه من أهلِ العلمِ على أَنَّ المُودَعَ إذا أحْرَزَ الوَديعةَ، ثمَّ ذَكَرَ أَنَّها ضاعتْ، أَنَّ القولَ قولُه. وقال أكثَرُهم: مع يَمِينِه. وإن ادَّعَى رَدَّها على صاحِبِها، فالقولُ قولُه مع يَمينِه أيضًا. وبه قال الثَّوْرِىُّ، والشافعىُّ، وإسحاقُ، وأصحابُ الرَّأْىِ. [وبه قال] (١٧) مالكٌ إن كان دَفَعَها إليه بغيرِ بينةٍ. وإن كان أوْدَعَه بِبَيِّنةٍ لم يُقْبَلْ قولُه فى الرَّدِّ إلَّا بِبَيِّنةٍ. ولَنَا، أنَّه أمينٌ لا مَنْفعةَ له فى قَبْضِها، فقُبِلَ قولُه فى الرَّدِّ بغير بِبَيِّنةٍ، كما لو أُودِعَ بغيرِ بِبَيِّنةٍ. وإن قال: دَفَعْتُها إلى فلانٍ بأمْرِكَ. فأنْكَرَ مالِكُهَا الإذنَ فى دَفْعِها، فالقولُ قولُ المُودَعِ. نَصَّ عليه أحمدُ، فى رواية ابنِ منصورٍ. وهو قولُ ابنِ أبى لَيْلَى. وقال مالكٌ، والثَّوْرِىُّ، والعَنْبَرِىُّ، والشَّافِعِىُّ، وأصحابُ الرَّأْىِ: القولُ قولُ المالِكِ؛ لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ الإِذْنِ، وله تَضْمِينُه. ولَنا، أنَّه ادَّعَى دَفْعًا يَبْرَأُ به من الوَديعةِ، فكان القولُ قولَه، كما لو ادَّعَى رَدَّها على مالِكِها. ولو اعْترفَ المالكُ بالإذْنِ، ولكنْ قال: لم يَدْفَعْها. فالقولُ قولُ المُسْتَوْدَعِ أيضًا، ثمَّ نَنْظُرُ فى المَدْفوعِ


= ٦/ ١٢٧، ١٢٨. وابن ماجه، فى: باب من طلق فى نفسه ولم يتكلم به. . .، من كتاب الطلاق. سنن ابن ماجه ١/ ٦٥٨. والإِمام أحمد، فى: المسند ٢/ ٢٥٥، ٤٢٥، ٤٨١.
(١٤) فى ب: "التمليك".
(١٥) فى ب: "لتلفها".
(١٦) فى ب: "أخرجها لتلفها".
(١٧) فى م: "وقال".

<<  <  ج: ص:  >  >>