للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعدُ أو لِيَذَرْ، فإنَّه مِن السُّنَّةِ. رَوَاهُ سَعِيدٌ، في "سُنَنِه" (١). وهذا يَقْتَضِى سُنَّةَ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. وصِفَةُ التَّرْبِيعِ المَسْنُونِ أن يَبْدَأَ فَيَضَعَ قائِمَةَ السَّرِيرِ اليُسْرَى على كَتِفِه اليُمْنَى (٢)، مِن عند رَأْسِ المَيِّتِ، ثم يَضَعَ القَائِمَةَ اليُسْرَى من عند الرَّجْلِ على الكَتِفِ اليُمْنَى أيضًا (٣)، ثم يَعُود إلى القائِمَةِ اليُمْنَى مِن عند رَأْسِ المَيِّتِ فَيَضَعَها على كَتِفِه اليُسْرَى، ثم يَنْتَقِلَ إلى اليُمْنَى مِن عند رِجْلَيْهِ. وبهذا قال أبو حنيفةَ، والشَّافِعِيُّ. وعن أحمدَ، رَحِمَهُ اللهُ، أنَّه يَدُورُ عليها، فَيأْخُذُ بعدَ يَاسِرَةِ المُؤَخِّرَةِ يامِنَةَ المُؤَخِّرَةِ ثم المُقَدِّمَةَ. وهو مذهبُ إسحاقَ. وَرُوِىَ عن ابنِ مسعودٍ، وابنِ عمرَ، وسَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ، وأيُّوبَ. ولأنَّه أَخَفُّ. وَوَجْهُ الأوَّل، أنَّه أحَدُ الجَانِبَيْنِ، فَيَنْبَغِى أن يَبْدَأَ فيه بِمُقَدَّمِهِ كالأوَّل. فأمَّا الحَمْلُ بين العَمْودَيْنِ، فقال ابنُ المُنْذِرِ: رَوَيْنا عن عُثمانَ، وسَعِيدِ (٤) بنِ مَالِكٍ، وابنِ عمرَ، وأبي هُرَيْرَةَ، وابنِ الزُّبَيْرِ، أنَّهم حَمَلُوا بين عَمُودَىِ السَّرِيرِ. وقال به الشَّافعِيُّ، وأحمدُ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ. وكَرِهَهُ النَّخَعِيُّ، والحسنُ، وأبو حنيفةَ، وإسحاقُ. والصَّحِيحُ الأوَّلُ؛ لأنَّ الصَّحابَةَ، رَحْمَةُ اللهِ عليهم، قد فَعَلُوهُ، وفيهم أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ. وقال مالِكٌ: ليس في حَمْلِ المَيِّتِ تَوْقِيتٌ، يَحْمِلُ مِن حيثُ شاءَ. ونَحْوَه قال الأوْزاعِيُّ. واتِّباعُ الصَّحابَةِ، رَضِىَ اللَّه عنهم، فيما فَعَلُوهُ وقالُوه (٥)، أحْسَنُ وأوْلَى.

فصل: إذا مَرَّتْ به جِنازَةٌ لم يُسْتَحَبَّ له القِيامُ لها؛ لقولِ عليٍّ، رَضِىَ اللَّه عنه: قامَ رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ثم قَعَدَ. رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٦). وقال إسحاقُ: معنى قول


(١) وأخرجه ابن ماجه، في. باب ما جاء في شهود الجنائز، من كتاب الجنائز. سنن ابن ماجه ١٠/ ٤٧٤.
(٢) في الأصل: "اليمين".
(٣) جاءت في م بعد قوله: "ثم يعود" الآتي.
(٤) كذا جاء في النسخ، ولم نجد بين الصحابة والتابعين: "سعيد بن مالك". وأبو سعيد الخدري اسمه سعد بن مالك.
(٥) سقط من: الأصل.
(٦) في: باب نسخ القيام للجنازة، من كتاب الجنائز. صحيح مسلم ٢/ ٦٦٢. كما أخرجه أبو داود، في: =

<<  <  ج: ص:  >  >>