للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَرِهَ إدْخَالَ الصَّيْدِ الحَرَمَ، ابنُ عمرَ، وابنُ عَبّاسٍ، وعائشةُ، وعَطاءٌ (٨)، وطاوُسٌ، وإسحاقُ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ورَخَّصَ فيه جابِرُ بن عبدِ اللهِ، ورُوِيَتْ عنه الكَرَاهَةُ له. أخْرَجَهُ سَعِيدٌ. وقال هِشامُ بن عُرْوَةَ: كان ابنُ الزُّبَيْرِ تِسْعَ سِنِين يَرَاهَا فى الأقْفاصِ، وأصْحابُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لا يَرَوْنَ به بَأْسًا. ورَخَّصَ فيه سَعِيدُ بن جُبَيْرٍ، ومُجاهِدٌ، ومالِكٌ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ؛ لأنَّه مَلَكَهُ خَارِجًا، وحَلَّ له التَّصَرُّفُ فيه، فجازَ له ذلك داخلَ (٩) الحَرَمِ، كصَيْدِ المَدِينَةِ إذا أدْخَلَهُ حَرَمَها. ولَنا، أنَّ الحَرَمَ سَبَبٌ مُحَرِّمٌ لِلصَّيْدِ، ويُوجِبُ ضَمَانَه، فحَرَّمَ اسْتِدَامَةَ إمْسَاكِهِ كالإِحْرَامِ، ولأنَّه صَيْدٌ ذَبَحَهُ فى الحَرَمِ، فلَزِمَهُ جَزَاؤُه، كما لو صَادَه منه، وصَيْدُ المَدِينَةِ لا جَزَاءَ فيه، بِخِلَافِ صَيْدِ الحَرَمِ.

فصل: ويُضْمَنُ صَيْدُ الحَرَمِ بالدِّلَالَةِ والإِشَارَةِ، كصَيْدِ الإِحْرامِ، والواجبُ عليهما جَزَاءٌ وَاحِدٌ. نَصَّ عليه أحمدُ. وظَاهِرُ كَلَامِه أنَّه لا فَرْقَ بين كَوْنِ الدَّالِّ فى الحِلِّ أو فى (١٠) الحَرَمِ. وقال القاضى: لا جَزَاءَ على الدَّالِّ إذا كان فى الحِلِّ، والجَزاءُ على المَدْلُولِ وَحْدَه، كالحَلالِ إذا دَلَّ مُحْرِمًا على صَيْدِهِ. ولَنا، أنَّ قَتْلَ الصَّيْدِ الحَرَمِىِّ حَرَامٌ على الدَّالِّ, فيَضْمَنُه بالدِّلالَةِ، كما لو كان فى الحَرَمِ، يُحَقِّقُه أنَّ صَيْدَ الحَرَمِ مُحَرَّمٌ على كلِّ أحَدٍ؛ لِقَوْلِه عليه السَّلَامُ: "لا يُنَفَّرُ صَيْدُهَا". وفى لَفْظٍ: "لَا يُصَادُ صَيْدُهَا". وهذا عَامٌّ فى حَقِّ كلِّ واحِدٍ، ولأنَّ صَيْدَ الحَرَمِ مَعْصُومٌ بمَحَلِّه، فَحُرِّمَ قَتْلُه عليهما كالمُلْتَجِىءِ إلى الحَرَمِ. وإذا ثَبَتَ تَحْرِيمُه عليهما فيُضْمَنُ بالدِّلَالَةِ ممَّن يَحْرُمُ عليه قَتْلُه، كما يُضْمَنُ بِدِلَالَةِ المُحْرِمِ عليه.

فصل: وإذا رَمَى الحَلالُ من الحِلِّ صَيْدًا فى الحَرَمِ، فقَتَلَهُ، أو أرْسَلَ كَلْبَهُ


(٨) سقط من: ب، م.
(٩) فى أ، ب، م: "فى".
(١٠) سقط من: أ، ب، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>