للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القِصاصُ في الحالِ، وإن قالوا: يُرْجَى عَوْدُها. إلى وقتٍ ذكَرُوه، لم يُقْتَصَّ حتى يَأْتِىَ ذلك الوقتُ. وهذا قولُ بعضِ أصْحابِ الشافعىِّ؛ لأنَّها تَحْتَمِلُ العَوْدَ، فأشْبَهَتْ سنَّ مَنْ لم يُثْغِرْ. وإذا ثَبَتَ هذا، فإنَّها [إن لم] (٤) تَعُدْ بعدُ (٥)، فلا كَلامَ، وإن عادَتْ، لم يَجِبْ قِصاصٌ ولا دِيَةٌ. وهذا قولُ أبى حنيفةَ، وأحَدُ قولَىِ الشافعىِّ. وقال في الآخَرِ: لا يَسْقُطُ الأرْشُ؛ لأنَّ هذه السِّنَّ لا تُسْتَخْلَفُ عادةً، فإذا عادَتْ كانت هِبَةً مُجَدَّدَةً، ولذلك لا يُنْتَظَرُ عَوْدُها في الضَّمانِ. ولَنا، أنَّها سِنٌّ عادَتْ، فسَقَطَ الأرْشُ، كسِنِّ مَنْ لم يُثْغِرْ، ونُدْرَةُ وُجُودِها لا يَمْنَعُ ثُبُوتَ حُكْمِها إذا وُجِدَتْ، فعلَى هذا إن كان أخَذَ الأرْشَ، رَدَّه، وإن كان اسْتَوْفَى القِصاصَ، لم يَجُزْ قَلْعُ هذه قِصاصًا؛ لأنَّه لم يَقْصِد العُدْوانَ. وإن عادَتْ سِنُّ الْجانِى دُونَ سِنِّ المَجْنِىِّ عليه، ففيه وَجْهان؛ أحدهما، لا تُقْلَعُ؛ لئَلَّا يَأْخُذَ سِنَّيْنِ بسِنٍّ واحدةٍ، وإنَّما قال اللَّه تعالى: {وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ} (٦). والثانى، تُقْلَعُ وإن عادَتْ مَرَّاتٍ؛ لأنَّه قَلَعَ سِنَّه وأعْدَمَهَا، فكان له إعْدامُ سِنِّه. ولأصحابِ الشافعىِّ وَجْهان، كهذَيْنِ.

فصل: وإن قَلَعَ سِنًّا، فاقْتَصَّ منه، ثم عادت سِنُّ الْمجنِىِّ عليه، فقَلَعَها الجانِى ثانيةً، فلا شىءَ عليه؛ لأنَّ سِنَّ المجْنِىِّ عليه لمَّا عادَتْ، وَجَبَ للجانِى عليه دِيَةُ سِنِّه، فلما قَلَعَها، وَجَبَ [على الجانى] (٧) دِيَتُها للمَجْنِىِّ عليه، فقد وَجَبَ لكلِّ واحدٍ منهما دِيَةُ سِنٍّ، فيتَقَاصَّانِ.

١٤٥٠ - مسألة؛ قال: (وإنْ كَسَرَ بَعْضَهَا، بَرَدَ مِنْ سِنِّ الْجَانِى مِثْلَهُ)

وجملتُه أنَّ القِصاصَ جارٍ في بعضِ السِّنِّ؛ لأنَّ الرُّبَيِّعَ كَسَرَتْ سِنَّ جاريةٍ، فأمَرَ النَّبِىُّ


(٤) سقط من: ب.
(٥) سقط من: الأصل، ب.
(٦) سورة المائدة ٤٥.
(٧) في الأصل: "للجانى".

<<  <  ج: ص:  >  >>