للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويُكَفِّرُ. هذا قياسُ المذهبِ. وقال أبو الخَطَّابِ: فيه روايةٌ أُخْرَى، أنَّه لا كفَّارةَ عليه. وهذا (٤) مذهبُ مالكٍ، والشَّافعىِّ، وأبى عُبَيْدٍ؛ لأنَّ المَنْذُورَ محمولٌ على المشروعِ، ولو أفطرَ رمضانَ لِعُذْرٍ لم يَلْزَمْه شىءٌ. ولَنا، أنَّه فاتَ ما نَذَرَه، فلَزِمَتْه كفَّارةٌ؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لأُختِ عُقْبةَ بنِ عامرٍ: "وَلْتُكَفِّرْ يَمِينَهَا" (٥). وفارَق رمضانَ، فإنَّه لو أفْطَرَ لغيرِ عُذْرٍ، لم تجِبْ عليه كفارةٌ إِلَّا فى الجِماعِ.

فصل: فإِنَّ جُنَّ جميعَ الشهرِ المُعَيَّنِ، لم يَلْزَمْه قضاءٌ ولا كفَّارةٌ. وقال أبو ثَوْرٍ (٦): يَلْزَمُه القضاءُ؛ لأنَّه من أهلِ التَّكْلِيفِ حالَةَ نَذْرِه وقَضائِه، فلَزِمَه (٧) القضاءُ، [كالمُغْمَى عليه. ولَنا، أنَّه ليس من أهلِ التَّكْليفِ فى وقتِ الوُجوبِ، فلم يَلْزَمْه القضاءُ] (٨)، كما لو كان فى شهرِ رمضانَ. وإِنْ حاضَتِ المرأةُ جميعَ الزّمنِ المُعَيَّنِ، فعليها القضاءُ، وفى الكفَّارةِ وَجْهانِ. وقال الشافعىُّ: لا كفَّارةَ عليها، وفى القضاءِ وَجْهانِ، أحدهما، لا يَلْزَمُها النَّذْرُ؛ لأنَّ زمنَ الحَيْضِ لا يُمْكِنُ الصومُ فيه، ولا يدْخُلُ فى النَّذْرِ، كزمنِ رمضانَ. ولَنا، أَنَّ المَنْذورَ يُحْمَلُ على المشْروعِ ابْتداءً، ولو حاضَتْ فى شهرِ رمضانَ، لَزِمَها القضاءُ، فكذلك المنْذورُ.

فصل: ولو قال: للَّهِ علىَّ الحجُّ فى عامِى هذا. فلم يحُجَّ لعُذْرٍ أو غيرِه، فعليْه القضاءُ والكفَّارةُ. ويَحْتَمِلُ أَنْ لا كفَّارةَ عليه إذا كان مَعْذورًا. وقال الشافعىُّ: إِنْ تعذَّرَ عليه الحجُّ، لعَدَمِ أحدِ الشَّرائِطِ (٩) السَّبْعةِ (١٠)، أو منعَه منه (١١) سُلْطانٌ أو عَدُوٌّ، فلا قضاءَ عليه. وإن حَدثَ به مرضٌ، أو أخطأَ عددًا، أو نَسِىَ، أو تَوَانَى، قَضَاهُ. ولَنا، أنَّه فاتَه


(٤) فى ب: "وهو".
(٥) تقدم تخريجه، فى: صفحة ٦٢٦.
(٦) فى ب: "أبو يوسف".
(٧) فى ب: "فيلزمه".
(٨) سقط من: ب. نقل نظر.
(٩) فى م: "الشرط".
(١٠) شروط الحج خمسة، وعند أبى حنيفة والشافعى سبعة. انظر ما تقدم فى: ٥/ ٦، ٧.
(١١) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>