للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٤٤ - مسألة؛ قال: (ومَا كَانَ عَنْوَةً أُدِّىَ عَنْهَا الخَرَاجُ، وَزُكِّى مَا بَقِىَ إذَا كَانَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ، وكَانَ لِمُسْلِمٍ)

يَعْنِى ما فُتِحَ عَنْوَةً ووُقِفَ على المُسْلِمِينَ، وضُرِبَ عليه (١) خَراجٌ مَعْلُومٌ، فإنَّه يُؤَدَّى الخَرَاجُ مِن غَلَّتِه، ويُنْظَرُ في بَاقِيها، فإن كان نِصَابًا ففيه الزكاةُ إذا كان لِمُسْلِمٍ، وإن لم يَبْلُغْ نِصَابًا، [أو بَلَغَ نِصَابًا] (٢) ولم يَكُنْ لِمُسْلِمٍ، فلا زكاةَ فيه، فإنَّ الزكاةَ لا تَجِبُ على غيرِ المُسْلِمِينَ. وكذلك الحُكْمُ في كلِّ أرْضٍ خَرَاجِيَّةٍ. وهذا قولُ عمرَ بن عبدِ العزيزِ، والزُّهْرِيِّ، ويحيى الأنْصَارِيِّ، ورَبِيعَةَ، والأوْزَاعِيِّ، ومَالِكٍ، والثَّوْرِيِّ، ومُغِيرَةَ، واللَّيْثِ، والحسنِ بن صالِحٍ، وابْنِ أبي لَيْلَى، وابْنِ المُبارَكِ، والشَّافِعِيِّ، وإسحاقَ، وأبي عُبَيْدٍ. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: لا عُشْرَ في الأرْضِ الخَراجِيَّةِ؛ لِقَوْلِه عليه السَّلَامُ: "لا يَجْتَمِعُ العُشْرُ والخَرَاجُ في أرْضِ مُسْلِمٍ" (٣). ولأنَّهما حَقَّانِ سَبَبَاهما مُتَنافِيانِ، فلا يَجْتَمِعانِ، كزكاةِ السَّوْمِ والتِّجَارَةِ، والعُشْرِ، وزكاةِ القِيمَةِ. وبَيَانُ تَنَافِيهما أنَّ الخَراجَ وَجَبَ عُقُوبَةً؛ لأنَّه جِزْيَةُ الأرْضِ، والزكاةُ وَجَبَتْ طُهْرَةً وشُكْرًا. ولنا: قولُ اللهِ تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} (٤) وقولُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْه وَسَلَّمَ-: "فِيمَا سَقَتِ السَّمَاءُ العُشْرُ" (٥). وغَيْرُه من عُمُوماتِ الأخْبارِ. قال ابنُ المُبَارَكِ: يقولُ اللهُ تعالى: {وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ}. ثم قال: نَتْرُكُ القُرْآنَ لِقَوْلِ أبِى حنيفةَ! ولأنَّهما حَقَّانِ يَجِبانِ لِمُسْتَحِقِّينَ يجوزُ وُجُوبُ كلِّ وَاحِدٍ منهما على المُسْلِمِ، فجَازَ اجْتِمَاعُهُما كالكَفَّارَةِ والقِيمَةِ في الصَّيْدِ الحَرَمِيِّ المَمْلُوكِ، وحَدِيثُهم يَرْوِيهِ يحيى بنُ عَنْبَسَةَ، وهو ضَعِيفٌ، عن أبى حنيفةَ، ثم نَحْمِلُه على الخَراجِ الذى هو


(١) في أ، ب، م: "عليهم".
(٢) لم يرد في: الأصل.
(٣) ذكر الزيلعى في نصب الراية ٣/ ٤٤٢ أن ابن عدى رواه، وهو في الكامل ٧/ ٢٧١٠.
(٤) سورة البقرة ٢٦٧.
(٥) تقدم تخريجه في صفحة ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>