للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاسْتَكْرَه ابنُه إحْداهُما، لم ترِثْه؛ لِانتفاء التُّهْمةِ عنه، لكَوْنِ ميراثِها لا يرجِعُ إليه. ولو اسْتَكْرَه الثانيةَ بعدَها، لوَرِثَت الثانيةُ؛ لأنَّه مُتَّهَمٌ فى حَقِّها، ولو اسْتَكْرَهَهُما معًا، دَفْعةً واحدةً، وَرِثَتا جميعا. وهذا كله قولُ أبى حنيفةَ وأصحابِه. وأمَّا الشافِعىُّ، فإنَّه لا يَرَى فَسْخَ النِّكاحِ بالوَطْءِ الحرامِ. وكذلك الحكمُ فيما إذا وَطِىءَ المريضُ مَنْ يَنْفَسِخُ نكاحُه بوَطْئِها، كأمِّ امْرأتِه أو ابْنَتِها، فإنَّ امرأتَه تَبِينُ منه، وترِثُه إذا مات فى مرضِه، ولا يَرِثُها، وسواءٌ طاوَعَتْه المَوْطوءةُ أو أكْرَهَها، فإن مُطاوَعَتها ليس للمرأةِ فيه فعلٌ يَسْقُطُ (٦٧) به مِيراثُها. فإن كان زائلَ العقلِ حينَ الوَطْءِ، لم ترِثْ امرأتُه منه شيئًا؛ لأنَّه ليس له قَصْدٌ صحيحٌ، فلا يكونُ فارًّا من ميراثِها. وكذلك لو وَطِئَ ابنُه امرأتَه مُسْتَكْرِهًا لها، وهو زائلُ العقلِ، لم ترِثْ لذلك. فإن كان صَبِيًّا عاقلًا، ورِثَتْ؛ لأنَّ له قَصْدًا صحيحًا.

وقال أبو حنيفةَ: هو كالمجَنْونِ؛ لأنَّ قولَه لا عِبْرةَ به. وكذلك الحكمُ فيما إذا وَطِئَ بِنْتَ امرأتِه أو أُمَّها. وللشافِعىِّ فى وَطْءِ الصَّبِىِّ بِنْتَ (٦٨) امْرأتِه أو أمَّها قَوْلان؛ أحدهما، لا يَنْفَسِخُ به نكاحُ امْرأتِه؛ لأنَّه (٦٩) لا يُحَرِّمُ. والثانى، أَنَّ امْرأتَه تَبِينُ بذلك، ولا ترِثُه ولا يرثُها. وفى القُبْلةِ والمُباشَرةِ دُونَ الفَرْجِ روايتان؛ إحداهما، تَنْشُرُ الحُرْمَة. وهو قولُ أبى حنيفةَ وأصحابِه؛ لأنَّها مُباشَرةٌ تَحْرُمُ فى غيرِ النِّكاحِ والمِلْكِ، فأشْبَهتِ الوَطْءَ. والثَّانية، [لا تَنْشُرُها؛ لأنَّها ليست] (٧٠) بسببٍ للبَعْضِيَّة، فلا تَنْشُرُ الحُرْمة، كالنَّظرِ والخَلْوةِ. وخَرَّجَ أصحابُنا فى النَّظَرِ إلى الفَرْجِ والخَلْوةِ لشَهْوةٍ وجْهًا أنَّها تَنْشُرُ الحُرْمةَ.

فصل: وإن فعَلتِ المريضةُ ما يَفْسَخُ نِكاحَها، كرَضاعِ امرأةٍ صغيرةٍ لزَوْجِها، أو رَضاعِ زَوْجِها الصَّغِيرِ، أو ارْتَدَّتْ، أو نحوَ ذلك، فماتَتْ فى مرضِها، وَرِثها الزَّوْجُ ولم ترِثْه. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال الشافعىُّ: لا يَرِثُها. ولَنا، أنَّها أحدُ الزَّوْجينِ فَرَّ من


(٦٧) فى م: "فيسقط".
(٦٨) فى م: "ابنة".
(٦٩) سقط من: الأصل.
(٧٠) فى الأصل، أ: "لا تنشره لأنه ليس".

<<  <  ج: ص:  >  >>