للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالميراثِ من عَصَبَتِها، فترِثُ لكَوْنِها عَصَبةً قائمةً مَقامَ أبِيه، فأمَّا على الروايةِ الأُخْرَى، فإنَّ الولاءَ يكونُ لعَصَبَتِها.

١٠٦١ - مسألة؛ قال: (والْوَلَاءُ لِأَقْرَبِ عَصَبةِ الْمُعْتِقِ)

وحملةُ ذلك أَنَّ المَوْلَى العَتِيقَ إذا لم يُخَلِّفْ مِن نَسَبِه مَنْ يَرِثُ مالَه، كان مالُه لِمَوْلاه، على ما أسْلَفْناه. فإن كان مَوْلاه مَيِّتًا، فهو لأقْرَبِ عَصَبَتِه، سواءٌ كان ولدًا، أو أبًا، أو أخًا، أو عَمًّا، أو ابنَ عَمٍّ، أو عَمَّ أبٍ، وسواءٌ كان المُعْتَقُ ذكَرًا أو أُنثى. فإن لم يكُنْ له عَصَبةٌ من نَسَبِه، كان الميراثُ لِمَوْلاه، ثم لعَصَباتِه الأقْرَبِ فالأقْرَبِ، ثم لِمَوْلاه، وكذلك أبدًا. رُوِىَ هذا عن عمرَ، رَضِىَ اللَّهُ عنه. وبه قال الشَّعْبِىُّ، والزُّهْرِىُّ، وقَتادةُ، ومالكٌ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعىُّ، والشافعىُّ، وأبو حنيفةَ وصاحِبَاه. وقد رُوِىَ عن علىٍّ، رَضِىَ اللَّهُ عنه ما يَدُلُّ على أَنَّ مَذْهَبَه فى امرأةٍ ماتتْ وخَلَّفَت ابْنَها وأخاها، أو ابنَ أخِيها، أَنَّ ميراثَ مَوالِيها لأخِيها وابنِ أخِيها، دون ابْنِها. ورُوِىَ عنه الرُّجوعُ إلى مثلِ قَوْلِ الجماعةِ، فرُوِىَ عن إبراهيمَ أنَّه قال: اخْتَصَم علىٌّ والزُّبَيْرُ فى مَوالِى صَفِيّةَ بنتِ عبدِ المُطَّلِبِ، فقال علىٌّ: أنا أحَقُّ بهم، أنا أرِثُهُم وأعْقِلُ عنهم. وقال الزبيرُ: هم مَوالِى أمِّى، وأنا أرِثُهُم. فقَضَى عمرُ للزُّبَيْرِ بالميراثِ، والعَقْلِ علَى علىٍّ. رواه سعيدٌ (١)، قال: حدَّثنا أبو مُعاوِيةَ، حدَّثنا عُبَيْدةُ الضَّبِّىُّ، عن إبراهيمَ، وقال: ثنا هُشَيْمُ. ثنا الشَّيْبَانِىُّ، عن الشَّعْبِىِّ، قال: قَضَى بوَلاءِ مَوالِى صَفِيّةَ للزُّبَيْرِ دُون العَبَّاسِ، وقَضَى عمرُ فى مَوالِى أمِّ هانئٍ بنتِ أبى طالب لأبيها جَعْدةَ بن هُبَيْرةَ دون علىٍّ. ورَوَى الإِمامُ أحمدُ (٢)، بإسنادِه عن زَيَادِ ابن أبى مَرْيمَ، أَنَّ امرأةً أعْتَقَتْ عبدًا لها، ثم تُوُفِّيَتْ، وتَرَكتْ ابنًا


(١) أخرجهما سعيد بن منصور، فى: باب الرجل يعتق فيموت. . . السنن ١/ ٩٤.
(٢) أخرجه الدارمى، فى: باب الولاء، من كتاب الفرائض. سنن الدارمى ٢/ ٣٧٢. وليس فى المسند، وانظر: إرواء الغليل ٦/ ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>