للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فمالَتِ الصَّبِيَّةُ إلى أُمِّها، فقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ اهْدِهَا". فمالَتْ إلى أبِيها، فأخَذَها. روَاه أبو داودَ (٧). ولَنا، أنَّها وِلايةٌ، فلا تَثْبُتُ لكافرٍ على مُسْلِمٍ، كولايةِ النِّكاحِ والمالِ، ولأنَّها إذا لم تثْبُتْ للفاسقِ، فالكافرُ أوْلَى، فإنَّ ضَرَرَه أكثرُ، فإنَّه يَفْتِنُه عن دينِه، ويُخْرجُه عن الإِسلامِ بتَعْلِيمِه (٨) الكُفْر، وتَزْيينِه له، وتَرْبِيَتِه عليه، وهذا أعظمُ الضَّرَرِ. والحَضانةُ إنَّما تثْبُتُ لحَظِّ الولَدِ، فلا تُشْرَعُ على وَجْهٍ يكونُ فيه (٩) هَلاكُه وهَلاكُ دِينِه. فأمَّا الحديثُ، فقد رُوِىَ على غيرِ هذا الوَجْهِ، ولا يُثْبِتُه أهلُ النَّقْلِ، وفى إسنادِه مَقالٌ. قالَه (١٠) ابنُ المُنْذرِ. ويَحْتَمِلُ أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- عَلِمَ أنَّها تخْتارُ أبَاها بدَعْوَتِه، فكان ذلك خاصًّا في حَقِّه. فأمَّا مَنْ بعضُه حُرٌّ، فإن لم يكُنْ بينَه وبينَ سَيِّدِه مُهايأةٌ، فلا حَضانةَ له؛ لأنَّه لا يَقْدِرُ عليها، لكَوْنِ مَنافِعِه مُشْتَركةً بَينَه وبينَ سَيِّدِه، وإن كان بينهما مُهايأةٌ، فقياسُ قولِ أحمدَ، أنَّ له الحَضانةَ في أيَّامِه؛ لأنَّه قال: كلُّ ما يتَجَزَّأُ، فعليه النِّصْفُ من كلِّ شيءٍ. وهذا اخْتِيارُ أبى بكرٍ. وقال الشافعيُّ: لا حضانةَ له. لأنَّه كالقِنِّ عندَه. وهذا أصلٌ قد تقَدَّمَ.

١٣٩٩ - مسألة؛ قال (١): (وَالْأُمُّ أَحَقُّ بِكَفَالَةِ الطِّفْلِ وَالْمَعْتُوهِ، إذَا طَلُقَتْ)

وجملتُه أنَّ الزَّوْجَيْنِ إذا افتَرَقا، ولهما ولدٌ طفلٌ أو مَعْتُوهٌ، فأمُّه أوْلى الناسِ بكَفالَتِه إذا كَمَلَتِ الشَّرائِطُ فيها، ذكَرًا كان أو أنْثَى. وهذا قولُ يحيى الأنْصارىِّ، والزُّهْرِىِّ، والثَّوْرِىِّ، ومالكٍ، والشافعىِّ، وأبى ثَوْرٍ، وإسْحاقَ، وأصْحابِ الرَّأْىِ، ولا نَعْلَمُ أحدًا خالَفَهُم. والأصلُ فيه ما رَوَى عبدُ اللَّه بن عمرِو بن العاصِ، أنَّ امرأةً قالتْ:


(٧) في: باب إذا أسلم أحد الأبوين مع من يكون الولد، من كتاب الطلاق. سنن أبي داود ١/ ٥٢٠.
كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٥/ ٤٤٦.
(٨) في أ: "بتعلمه".
(٩) في أ: "فيها".
(١٠) في الأصل، م: "قال".
(١) في ب زيادة: "أبو القاسم".

<<  <  ج: ص:  >  >>