للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَرْضُ كِفَايَةٍ، ويُخافُ على المَيِّتِ، ولا على رَكْعَتَىِ الطَّوَافِ، لأنَّهما تابِعَتَانِ لما لا يَمْنَعُ منه النَّهْىُ، مع أنَّنا قد ذَكَرْنَا أنَّ الصَّحِيحَ أنه لا يُصَلَّى على الجِنَازَةِ في الأوْقَاتِ الثَّلَاثَة التي في حَدِيثِ عُقْبَةَ بن عامِرٍ (٤٢). وكذلك لا يَنْبَغِى أن يَرْكَعَ لِلطَّوَافِ فيها، ولا يُعِيدَ فيها جَمَاعَةً. وإذا مُنِعَتْ هذه الصَّلَواتُ المُتَأَكّدَةُ فيها فغيرُها أوْلَى بالمَنْعِ، واللهُ أعلمُ.

فصل: ولا فَرْقَ بين مَكَّةَ وغيرِها في المَنْعِ من التَّطَوُّعِ في أوْقَاتِ النَّهْىِ. وقال الشَّافِعِىُّ: لا يُمْنَعُ فيها، لقَوْلِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لا تَمْنَعُوا أحَدًا طَافَ بِهَذَا البَيْتِ وصَلَّى فِى أىِّ سَاعَةٍ شاءَ مِنْ لَيْلٍ أوْ نَهَار" (٤٣). وعن أبي ذَرٍّ، قال: سَمِعْتُ رسولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لا يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ بَعْدَ الصُّبْحِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلَا بَعْدَ العَصْرِ إلَى أنْ تَغْرُبَ الشَّمْسُ، إلَّا بِمَكَّةَ" يقول: قال ذلك ثَلَاثًا. رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِىُّ (٤٤). ولنَا، عُمُومُ النَّهْىِ، وأنَّه مَعْنًى يَمْنَعُ الصَّلاةَ، فاسْتَوَتْ فيه مَكَّةُ وغيرُها، كالحَيْضِ، وحَدِيثُهم أراد به رَكْعَتَىِ الطَّوَافِ، فيَخْتَصُّ بهما، وحَدِيثُ أَبِى ذَرٍّ ضَعِيفٌ، يَرْوِيه عَبْدُ اللهِ بن المُؤَمَّل، وهو ضَعِيفٌ، قالَه يَحْيَى بن مَعِين.

فصل: ولا فَرْقَ في وَقْتِ الزَّوالِ [بين يومِ الجُمُعَةِ وغيره] (٤٥)، ولا بين الشِّتَاءِ والصَّيْفِ، كان عمرُ بنُ الخَطَّابِ يَنْهَى عنه، وقال ابنُ مسعودٍ: كُنَّا نُنْهَى عن ذلك. يعني يومَ الجُمُعَةِ. وقال سعيدٌ المَقْبُرِىُّ (٤٦): أدْرَكْتُ النّاسَ وهم يَتَّقُونَ ذلك. وعن عَمْرِو بنِ سَعِيدِ بن العَاصِ، عن أبيهِ قال: كنتُ ألْقَى أَصْحَاب رَسُولِ


(٤٢) تقدم في صفحة ٥١٤.
(٤٣) تقدم في صفحة ٥١٧.
(٤٤) في: باب جواز النافلة عند البيت في جميع الأزمان، من كتاب الصلاة. سنن الدارقطني ١/ ٤٢٥.
(٤٥) في م: "بين الجمعة وغيرها".
(٤٦) سعيد بن أبي سعيد كيسان المقبرى التابعى المحدث، توفى سنة ثلاث وعشرين ومائة. اللباب ٣/ ١٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>