للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذَكَرْنَا مِن العِلَّةِ. والأَشْبَهُ التَّفْرِيقُ بَيْنَهُما، كما لو افْتَرَقَا في طَهَارةِ المَاءِ، ولأنَّ نَجاسةَ الفَرْجِ سَبَبُ وُجُوبِ التَّيَمُّمِ، فجازَ أن يكونَ بقاؤُها مانِعًا منه، بخِلَافِ سائِر النَجَّاسات.

٢٤ - مسألة؛ قال: (والنِّيَّةُ لِلطَّهارَةِ)

يعني نِيَّة الطَّهارَة. والنِّيَّةُ: القَصْدُ، يقال: نَوَاكَ اللهُ بخَيْرٍ. إذا (١) قَصَدَك به. ونَوَيْتُ السَّفَرَ. أي: قَصَدْتَه، وعَزَمْتَ عَلَيْه.

والنِّيَّةُ مِنْ شَرائِطِ الطَّهارَةِ للأحْداثِ كلها، لا يَصِحُّ وُضُوءٌ ولا غُسْلٌ ولا تَيَمُّمٌ، إلَّا بها. رُوِىَ ذلك عن عَلِىٍّ رضىَ اللهُ عنه، وبه قال رَبِيعةُ، ومَالِك، والشَّافِعِىّ، واللَّيْثُ، وإسْحَاق، وأبو عُبَيْدة، وابن المُنْذِر. وقال الثَّوْرِىُّ، وأصحابُ الرَّأْىِ: لا تُشْتَرَطُ النِّيَّةُ في طَهارَةِ الماءِ، وإنما تُشْتَرَطُ لِلتَّيَمُّمِ (٢)؛ لأن اللهَ تعالى قال: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} (٣) الآية، ذَكَرَ الشَّرائِطَ، ولم يَذْكُر النِّيَّةَ، ولو كانت شَرْطًا لَذَكَرَها، ولأنَّ مُقْتَضَى الأَمْرِ حُصُولُ الإِجْزاءِ بفِعْلِ المأْمُورِ بهِ، فَتَقْضِى الآيةُ حُصُولَ الإِجْزاءِ بما تَضَمَّنَتْه، ولأنَّها طَهارةٌ بالماءِ، فلم تَفْتَقِرْ إلى النِّيَّةِ كغَسْلِ النَّجَاسَةِ.

ولنا ما رَوَى عُمَر، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنه (٤) قال: "إنَّمَا الْأَعْمَالُ بالنِّيّاتِ (٥)، وإنَّما لِكُلِّ امْرِىءٍ مَا نَوَى". مُتَّفَقٌ عليه (٦)، فنَفَى أن يكونَ له عَمَلٌ شَرْعِىٌّ بدُونِ النِّيَّةِ،


(١) في م: "أي".
(٢) في م: "في التيمم".
(٣) سورة المائدة ٦.
(٤) سقط من: م.
(٥) في الأصل: "بالنية".
(٦) أخرجه البخاري، في: باب كيف كان بدء الوحى إلى رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفى: باب الخطأ والنسيان، من كتاب العتق، وفى: باب هجرة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه إلى المدينة، من كتاب مناقب الأنصار، وفى: باب من هاجر أو عمل خيرا لتزويج امرأة فله ما نوى، من كتاب النكاح، وفى: باب الطلاق في الإغلاق إلخ (الترجمة)، من كتاب الطلاق، وفى: باب النية في الأيمان، من كتاب الأيمان، وفي: كتاب الإِكراه (الترجمة)، وفي: باب =

<<  <  ج: ص:  >  >>