فعلى هذا لها مَهْرُ المِثْلِ، وكذلك كلُّ مَوْضعٍ قُلْنا: لا تَصِحُّ التَّسْمِيةُ.
فصل: وإن أصْدَقَها خِيَاطةَ ثَوْبٍ بعَيْنهِ، فهَلَكَ الثوبُ، لم تَفْسُدِ التَّسْمِيةُ، ولم يَجِبْ مَهْرُ المِثْلِ؛ لأنَّ تَعَذُّرَ تَسْلِيمِ ما أصْدَقَها بعَيْنهِ لا يُوجِبُ مَهْرَ المِثْلِ، كما لو أصْدَقَها قَفِيزَ حِنْطةٍ فهَلَكَ قبلَ تَسْلِيمِه، ويَجِبُ عليه أجْرُ مِثْلِ خِياطَتِه؛ لأنَّ المَعْقُودَ على العَمَلِ فيه تَلَفٌ، فوَجَبَ الرُّجوعُ إلى عِوَضِ العَمَلِ، كما لو أصْدَقَها تَعْلِيمَ عَبْدِها صِناعةً فمات قبلَ التَّعْليمِ. وإن عَجَزَ عن خِياطَتِه، مع بَقاءِ الثوبِ، لمَرَضٍ أو نحوِه، فعليه أن يُقِيمَ مُقامَه مَنْ يَخِيطُه. وإن طَلَّقَها قبلَ خِياطَتِه قبلَ الدُّخُولِ، فعليه خِياطَةُ نِصْفِه، إن أمْكَنَ مَعْرِفَةُ نِصْفِه، وإن لم يُمْكِنْ فعليه نِصْفُ أجْرِ خِيَاطَتِه، إلَّا أن يَبْذُلَ خِياطةَ أكْثَرَ من نِصْفِه، بحيث يُعْلَمُ أنَّه قد خاط النِّصْفَ يَقِينًا. وإن كان الطَّلاقُ بعد خِياطَتِه، رَجَعَ عليه بنِصْفِ أَجْرِه.
فصل: وإن أصْدَقَها تعليمَ صِنَاعةٍ، أو تَعْليمَ عَبْدِها صِناعةً، صَحَّ؛ لأنَّه مَنْفَعةٌ معلومةٌ، يجوزُ بَذْلُ العِوَضِ عنها، فجاز جَعْلُها صَداقًا، كخِياطةِ ثَوْبها. وإن أصدَقها تَعْلِيمَه، أو تعليمَها شِعْرًا مُباحًا مُعيَّنًا، أو فِقْهًا، أو لغةً، أو نَحْوًا، أو غيرَ ذلك من العُلُومِ الشَّرعيَّةِ التى يجوزُ أخْذُ الأجْرةِ على تعليمِها، جاز، وصَحَّتِ التَّسْمِيَةُ؛ لأنَّه يجوزُ أخذُ الأجرةِ عليه، فجاز صَداقًا، كَمنافِعِ الدارِ.
فصل: فأمَّا تعليمُ القرآنِ، فاخْتلَفتِ الرِّوايةُ عن أحمدَ فى جَعْلِه صَدَاقًا؛ فقال فى مَوْضعٍ: أكْرَهُه. وقال فى موضعٍ: لا بَأْسَ أن يتزَوّجَ الرَّجُلُ (٢٧) المرأةَ على أن يُعَلِّمَها سورةً من القرآنِ، أو على نَعْلَيْنِ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. قال أبو بكرٍ: فى المسألةِ قولان. يعنى رِوايتَيْنِ. قال: وأخْتِيارِى أنَّه لا يجوزُ. وهو مذهبُ مالكٍ، واللَّيْثِ، وأبى حنيفةَ، ومكحولٍ، وإسْحاقَ. واحْتَجَّ مَنْ أجازَه بما رَوَى سَهْلُ بن سَعْدٍ السَّاعِدِىُّ،