للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

-صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا اخْتَلَفَ الْمُتَبَايِعَانِ، فَالْقَوْلُ قَوْلُ (٧٠) البَائِعِ" (٧١). وهذا يَحْتَمِلُ أن يُرِيدَ به إذا اخْتَلَفَا في المُدَّةِ، وأما إذا اخْتَلَفَا في العِوَضِ، فالصَّحِيحُ أنَّهما يَتَحَالَفَانِ؛ لما ذَكَرنَاهُ.

فصل: وإن اخْتَلَفَا في المُدَّةِ، فقال: أجَرْتُكَها سَنَةً بدِينَارٍ. قال: بل سَنَتَيْنِ بِدِينَارَيْنِ. فالقولُ قولُ المالِكِ؛ لأنَّه مُنْكِرٌ لِلزِّيادةِ، فكان القولُ قولَه فيما أنْكَرَه، كما لو قال: بِعْتُكَ هذا العَبْدَ بمائةٍ. قال: بل هذَيْنِ العَبْدَيْنِ. وإن قال: أجَرْتُكَها سَنَةً بِدِينَارٍ. قال: بل سَنَتَينِ بِدِينَارٍ. فههُنا قد اخْتَلَفَا في قَدْرِ العِوَضِ والمُدَّةِ جَمِيعًا، فيَتَحَالَفانِ؛ لأنَّه لم يُوجَد الاتِّفَاقُ منهما على مُدَّةٍ بعِوَضٍ، فصارَ كما لو اخْتَلَفَا في العِوَضِ مع اتِّفاقِ المُدَّةِ. وإن قال المالِكُ: أجَرْتُكَها سَنَةً بِدِينارٍ. فقال السّاكِنُ: بل اسْتَأْجَرْتَنِى على حِفْظِها بِدِينارٍ. فقال أحمدُ: القولُ قولُ رَبِّ الدَّارِ، إلَّا أن تكونَ للسّاكِنِ بَيِّنَةٌ. وذلك لأنَّ سُكْنَى الدَّارِ قد وُجِدَ من السَّاكِنِ، واستِيفَاءَ مَنْفَعَتِها وهى مِلْكُ صَاحِبِها، والقولُ قولُه في مِلْكِه، والأصْلُ عَدَمُ اسْتِئْجارِ السّاكِنِ في الحِفْظِ، فكان القولُ قولَ من يَنْفِيه.

فصل: وإن اخْتَلَفَا في التَّعَدِّى في العَيْنِ المُسْتَأْجَرَةِ، فالقولُ قولُ المُسْتَأْجِرِ؛ لأنَّه مُؤْتَمَنٌ عليها، فأشْبَه المُودَعَ، ولأنَّ الأصْلَ عَدَمُ العُدْوانِ، والبَرَاءَةُ من الضَّمَانِ.


(٧٠) في الأصل: "ما قال".
(٧١) أخرجه الترمذي، في: باب ما جاء إذا اختلف البيعان، من أبواب البيوع. عارضة الأحوذى ٥/ ٢٧١. وابن ماجه، في: باب البيعان يختلفان، من كتاب التجارات. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٣٧. والدارمى، في: باب إذا اختلف المتبايعان، من كتاب البيوع ٢/ ٢٥٠. والإِمام مالك، في: باب بيع الخيار، من كتاب البيوع. الموطأ ٢/ ٦٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>