للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معًا، ويَسْقُطُ الثمَنُ (٧) عن الزَّوْجِ؛ لأنَّ عَقْدَ البَيْعِ ما ثَبَتَ، ولا يَجِبُ المَهْرُ؛ لأنَّ السَّيِّدَ لا يَدَّعِيه، وتُرَدُّ الجارِيَةُ إلى سَيِّدِها، وفى كَيْفِيَّةِ رُجُوعِهَا وَجْهَانِ؛ أحدُهما، تَرْجِعُ إليه، فيَمْلِكُها ظَاهِرًا وبَاطِنًا، كما يَرْجِعُ البائِعُ في السِّلْعَةِ عندَ فَلَسِ المُشْتَرِى بالثمَنِ؛ لأنَّ الثَّمَنَ ههُنا قد تَعَذَّرَ، فيَحْتَاجُ السَّيِّدُ أن يقولَ: فَسَخْتُ البَيْعَ. وتَعُودُ إليه مِلْكًا. والثانى، تَرْجِعُ إليه في الظَّاهِرِ دُونَ البَاطِنِ؛ لأنَّ المُشْتَرِىَ امْتَنَعَ من أدَاءِ الثَّمَنِ مع إمْكَانِه. فعلَى هذا يَبِيعُها الحاكِمُ ويُوَفِّيه ثَمَنَها، فإن كان وَفْقَ حَقِّهِ، فحَسَنٌ. وإن كان دُونَه، أخَذَهُ، وإن زَادَ، فالزِّيَادَةُ لا يَدَّعِيها أحَدٌ؛ لأنَّ المُشْتَرِىَ يُقِرُّ بها للبائِعِ، والبائِعُ لا يَدَّعِى أكْثَرَ من الثمَنِ الأَوَّلِ، فهل تُقَرُّ في يَدِ المُشْتَرِى، أو تَرْجِعُ إلى بَيْتِ المالِ؟ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ. فإن رَجَعَ البائِعُ، وقال: صَدَقَ خَصْمِى، ما بِعْتُه إيَّاهَا، بل زَوَّجْتُه. لم يُقْبَلْ في إسْقَاطِ حُرِّيّةِ الوَلَدِ، ولا في اسْتِرْجَاعِها إن صَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ، وقُبِلَ في إسْقَاطِ الثَّمَنِ، واسْتِحْقَاقِ المَهْرِ، وأَخْذِ زِيَادَةِ الثَّمَنِ، واسْتِحْقَاق مِيرَاثِها ومِيرَاثِ وَلَدِها. وإن رَجَعَ الزَّوْجُ، ثَبَتَتِ الحُرِّيةُ، ووَجَبَ عليه الثَّمَنُ.

فصل: ولو أقَرَّ رَجُلٌ بِحُرِّيَةِ عَبْدٍ ثم اشْتَراهُ، أو شَهِدَ رَجُلَانِ بِحُرِّيَةِ عَبْدٍ لغَيْرِهما فرُدَّتْ شَهَادَتُهُما، ثم اشْتَراهُ أحَدُهما من سَيِّدِه، عُتِقَ في الحالِ؛ لِاعْتِرَافِه بأنَّ الذي اشْتَراهُ حُرٌّ، ويكون البَيْعُ صَحِيحًا بالنِّسْبَةِ إلى البائِعِ؛ لأنَّه مَحْكُومٌ له (٨) بِرِقِّه، وفي حَقِّ المُشْتَرِى اسْتِنْقَاذًا واسْتِخْلَاصًا، فإذا صَارَ في يَدِه (٩)، حُكِمَ بِحُرِّيَتِه؛ لإِقْرَارِه السَّابِقِ، ويَصِيرُ كما لو شَهِدَ رَجُلانِ على رَجُلٍ أنَّه طَلَّقَ امْرَأَتَه ثَلَاثًا، فرَدَّ الحاكِمُ شَهادَتَهما، فدَفَعَا إلى الزَّوْجِ عِوَضًا ليَخْلَعَها، صَحَّ، وكان في حَقِّه خُلْعًا صَحِيحًا، وفي حَقِّهِما اسْتِخْلَاصًا، ويكون وَلَاؤُه مَوْقُوفًا؛ لأنَّ أحَدًا لا يَدَّعِيه، فإنَّ البائِعَ يقول: ما أعْتَقْتُه. والمُشْتَرِى يقول: ما أعْتَقْتُه. والمُشْتَرِى يقول: ما أعْتَقَهُ إلَّا البائِعُ وأنا اسْتَخْلَصْتُه. فإن ماتَ وخَلَّفَ مالًا، فرَجَعَ أحَدُهُما عن قَوْلِه، فالمالُ له؛ لأنَّ أحَدًا لا


(٧) في الأصل: "اليمين".
(٨) سقط من: ب.
(٩) في أ: "يديه".

<<  <  ج: ص:  >  >>