للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بأنَّها أُمُّ وَلَدٍ، ولا يجوزُ نَقْلُ المِلْكِ فيها، ويَحْلِفُ المُشْتَرِى أنَّه ما اشْتَرَاها، ويَسْقُطُ عنه ثَمَنُها إلَّا قَدْرَ المَهْرِ؛ فإنَّه يَجِبُ لِاتِّفَاقِهِما على وُجُوبِه، وإن اخْتَلَفَا في سَبَبِه. وهذا قولُ بعضِ أصْحابِ الشّافِعِىِّ. وقال بعضُهم: يَتَحَالَفَانِ، ولا يَجِبُ مَهْرٌ ولا ثَمَنٌ. وهو قولُ القاضي، إلَّا أنَّه لا يَجْعَلُ على البائِعِ يَمِينًا؛ لأنَّه لا يَرَى اليَمِينَ في إنْكَارِ النِّكَاحِ، ونَفَقَةُ الوَلَدِ على أبِيهِ؛ لأنَّه حُرٌّ، ونَفَقَةُ الأَمَةِ على زَوْجِها؛ لأنَّه إمَّا زَوْجٌ وإما سَيِّدٌ، وكِلاهما سَبَبٌ لِوُجُوبِ النَّفَقَةِ. وقال القاضي: نَفَقَتُها في كَسْبِها، فإن كان فيه فَضْلٌ فهى مَوْقُوفَةٌ؛ لأنَّنا أَزَلْنا عنها مِلْكَ السَّيِّدِ، وأَثْبَتْنَا لها حُكْمَ الاسْتِيلَادِ. فإن ماتَتْ وتَرَكَتْ مالًا، فلِلْبَائِعِ قَدْرُ ثَمَنِها؛ لأنَّه إمَّا أن يكونَ صَادِقًا فهو يَسْتَحِقُّ على المُشْتَرِى ثَمَنَها، وتَرِكَتُها لِلْمُشْتَرِى، والمُشْتَرِى مُقِرٌّ لِلْبَائِعِ بها، فيَأْخُذُ منها قَدْرَ ما يَدَّعِيه. وإن كان كاذِبًا، فهى مِلْكُه، وتَرِكَتُها كلُّها له، فيَأْخُذُ منها قَدْرَ ما يَدَّعِيهِ، وبَقِيّتُه مَوْقُوفَةٌ (٥). وإن ماتَتْ بعد الوَطْءِ، فقد ماتَتْ حُرَّةً، فمِيرَاثُها لِوَلَدِها ووَرَثَتِها، فإن لم يكُنْ لها وارِثٌ، فمِيرَاثُها مَوْقُوفٌ؛ لأنَّ أحَدًا لا يَدَّعِيه، وليس لِلسَّيِّدِ أن يَأْخُذَ منه قَدْرَ الثَّمَنِ؛ لأنَّه يَدَّعِى الثَّمَنَ على الوَاطِىِء، وليس مِيرَاثُها له؛ لأنَّه قد ماتَ قبلَها. وإن كان اخْتِلافُهما قبلَ الاسْتِيلَادِ، فعِنْدِى أنَّها تُقَرُّ في يَدِ الزَّوْجِ؛ لِاتِّفاقِهِما على حِلِّهَا له، واسْتِحْقَاقِه إمْسَاكَها، وإنَّما اخْتَلَفَا في السَّبَبِ. ولا تُرَدُّ إلى السَّيِّدِ؛ لِاتِّفَاقِهما على تَحْرِيمِها عليه. ولِلْبائِعِ أقَلُّ الأَمْرَيْنِ من الثَّمَنِ أو المَهْرِ؛ لِاتِّفَاقِهِما على اسْتِحْقَاقِه لذلك. والأَمْرُ في الباطِنِ على ذلك؛ فإنَّ السَّيِّدَ إن كان صَادِقًا، فالأَمَةُ حَلَالٌ لِزَوْجِهَا بالبَيْعِ. وإن كان كَاذِبًا، فهى حَلالٌ له بالزَّوْجِيَّةِ. والقَدْرُ الذي اتَّفَقَا عليه، إن كان (٦) السَّيِّدُ صَادِقًا، فهو يَسْتَحِقُّه ثَمَنًا، وإن كان كَاذِبًا، فهو يَسْتَحِقُّه مَهْرًا. وقال القاضي: يَحْلِفُ الزَّوْجُ أنَّه ما اشْتَرَاهَا؛ لأنَّه مُنْكِرٌ، ويَسْقُطُ عنه الثَّمَنُ، ولا يَحْتاجُ السَّيِّدُ إلى اليَمِينِ على نَفْىِ الزَّوْجِيَّةِ؛ لأنَّه لا يُسْتَحْلَفُ فيه. وعند الشّافِعِىِّ: يَتَحَالَفَانِ


(٥) في أ: "موقوف".
(٦) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>