للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيما يَقْضِيهِ الفاتِحَةَ وسُورَةً، فكان أوَّلَ الصلاةِ، كغَيْرِ المَسْبُوقِ. ولا أعْلَمُ خِلافًا بين الأئِمَّةِ الأرْبَعَةِ في قِراءَةِ الفاتِحَةِ وسُورَةٍ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: كلُّ هؤلاءِ القائِلِينَ بالقَوْلَيْنِ جميعا يَقُولُونَ: يَقْضِى ما فاتَهُ بالحَمْدِ للهِ (٥) وسُورَةٍ، على حَسَبِ ما قَرأَ إمامُه، إلَّا إسْحَاقَ والمُزَنِىَّ ودَاوُدَ، قالوا: يَقْرَأُ بالحَمْد وَحْدَها. وعلى قَوْلِ مَن قال: إنَّه يَقْرَأُ في القَضاءِ بالفاتِحَةِ وسُورَةٍ، لا تَظْهَرُ فَائِدَةُ الخِلافِ، إلَّا أن يكونَ في الاسْتِفْتاحِ والاسْتِعاذَةِ حالَ مُفارَقَةِ الإِمامِ، وفي مَوْضِعِ الجَلْسَةِ لِلتَّشَهُّدِ الأَوَّل، في حَقِّ من أدْرَكَ رَكْعَةً من المَغْرِبِ والرُّبَاعِيَّة، واللهُ أعلمُ.

فصل: واخْتَلَفَتِ الرِّوايَةُ في مَوْضِعِ الجَلْسَةِ والتَّشَهُّدِ الأَوَّل في حَقِّ من أدْرَكَ رَكْعَةً من المَغْرِبِ أو الرُّبَاعِيَّة، إذا قَضَى، فَرُوِىَ عن أحمدَ أنَّه إذا قامَ اسْتَفْتَحَ، وصَلَّى رَكْعَتَيْنِ مُتَوالِيَتَيْنِ، يَقْرَأُ في كل وَاحِدَةٍ بالحَمْدِ لِلهِ (٥) وسُورَةٍ. نَصَّ عليه في رِوَايَةِ حَرْبٍ، وفَعَلَ ذلك جُنْدَبٌ؛ وذلك لأنَّهما أوَّلُ صلاتِه، فلم يَتَشَهَّدْ بينهما كغيرِ المَسْبُوقِ، ولأنَّ القَضاءَ على صِفَةِ الأداءِ، والأداءُ لا جُلُوسَ فيه، ولأنَّهما رَكْعَتانِ يَقْرَأُ في كلِّ واحِدَةٍ منهما بالحَمْد لِلهِ (٥) وسُورَةٍ، فلم يَجْلِسْ بينهما كالمُؤَدَّاتَيْنِ. والرِّوَايَةُ الثانيةُ أنَّه يَقُومُ فَيأْتِى بِرَكْعَةٍ، يَقْرَأُ فيها بالحَمْد لِلهِ (٥) وسُورَةٍ، ثم يَجْلِسُ، ثم يَقُومُ فَيأْتِىَ بأُخْرَى بالحَمْدِ لِلهِ (٥) وسُورَةٍ في المَغْرِبِ، أو بِرَكْعَتَيْنِ مُتَوَالِيَتَيْنِ في الرُّباعِيَّة، يَقْرَأُ في أُولَاها بالحَمْدِ لِلهِ (٥) وسُورَةٍ، وفي الثانيةِ بالحَمْد وَحْدَها. نَقَلَها صالِحٌ، وأبو دَاوُدَ، والأثْرَمُ. وفَعَلَ ذلك مَسْرُوقٌ. وقال عبدُ اللهِ بن مسعودٍ: كما فَعَلَ مَسْرُوقٌ يَفْعَلُ. وهو قولُ سَعِيدِ بن المُسَيَّبِ، فإنَّه رُوِىَ عنه أنَّه قال لِلزُّهْرِيِّ: ما صَلَاةٌ يَجْلِسُ في كُلِّ رَكْعَةٍ منها؟ قال سَعِيدٌ: هي المَغْرِبُ إذا أدْرَكْتَ منها رَكْعَةً، ولأنَّ الثَّالِثَةَ آخِرُ صلاتِه فِعْلًا، فيَجِبُ أن يَجْلِسَ


(٥) لم يرد: "للَّه" في: الأصل، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>