للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عن أحمدَ. والأوَّلُ أَصَحُّ؛ فإنَّه نُسُكٌ لا يَتَعَلَّقُ بِالْبَيْتِ، فلم تُشْتَرَطْ له المُوَالَاةُ، كَالرَّمْى والحِلَاقِ. وقد رَوَى الأَثْرَمُ، أنَّ سَوْدَةَ بنْتَ عبدِ اللهِ بن عمرَ، امْرَأَةَ عُرْوَةَ بنِ الزُّبَيْرِ، سَعَتْ بينَ الصَّفَا والمَرْوَةِ، فقَضَت طَوَافَها فى ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، وكانت ضَخْمَةً. وكان عَطاءٌ لا يَرَى بَأْسًا (٩) أن يَسْتَرِيحَ بينهما، ولا يَصِحُّ قِيَاسُه على الطَّوَافِ؛ لأنَّ الطَّوَافَ يَتَعَلَّقُ بِالبَيْتِ، وهو صَلَاةٌ تُشْتَرَطُ له الطهارةُ والسِّتَارَةُ، فاشْتُرِطَتْ له المُوَالَاةُ، بِخِلَافِ السَّعْىِ.

٦٢٨ - مسألة؛ قال: (وَإِنْ أَحْدَثَ فِى بَعْضِ طَوَافِهِ، تَطَهَّرَ، وَابْتَدَأ الطَّوافَ، إذَا كَانَ فَرْضًا)

أمَّا إذا أحْدَثَ عَمْدًا فإنَّه يَبْتَدِئُ الطَّوَافَ؛ لأنَّ الطهارةَ شَرْطٌ له، فإذا أَحْدَثَ عَمْدًا أَبْطَلَهُ، كالصلاةِ، وإن سَبَقَهُ الحَدَثُ، ففيه رِوَايتانِ: إِحْدَاهما، يَبْتَدِئُ أيضًا. وهو قَوْلُ الحسنِ، ومالِكٍ، قِيَاسًا على الصلاةِ. والرِّوَايَةُ الثانيةُ، يَتَوَضَّأُ، ويَبْنِى. وبها قال الشَّافِعِىُّ، واسحاقُ. قال حَنْبَلٌ عن أحمدَ فى مَن طافَ ثلاثةَ أشْوَاطٍ أو أكْثَرَ: يَتَوَضَّأُ، فإن شَاءَ بَنَى، وإن شاءَ اسْتَأْنَفَ. قال أبو عبدِ اللهِ: يَبْنِى إذا لم يُحْدِثْ حَدَثًا إلَّا الوُضُوءَ، فإن عَمِلَ عَمَلًا غيرَ ذلك، اسْتَقْبَلَ الطَّوَافَ؛ وذلك لأنَّ المُوَالَاةَ تَسْقُطُ عندَ العُذْرِ على (١) إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ، وهذا مَعْذُورٌ، فجازَ البِنَاءُ، وإن اشْتَغَلَ بغيرِ الوُضُوءِ، فقد تَرَكَ المُوَالَاةَ لغيرِ عُذْرٍ، فلَزِمَهُ الابْتِدَاءُ إذا كان الطَّوَافُ فَرْضًا، فأمَّا المَسْنُونُ، فلا يَجِبُ إعادَتُه، كالصلاةِ المَسْنُونَةِ [إذا بَطَلَتْ] (٢).

٦٢٩ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ طَافَ وسَعَى مَحْمُولًا لِعِلَّةٍ، أَجْزَأَهُ)

لا نَعْلَمُ بين أهْلِ العِلْمِ خِلَافًا فى صِحَّةِ طَوَافِ الرَّاكِبِ إذا كان له عُذْرٌ، فإنَّ


(٩) سقط من: الأصل.
(١) فى ب، م: "فى".
(٢) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>