للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واسْتَنْشَقَ من ثلاثِ غَرَفاتٍ، وإن شاء فَعَل ذلك ثَلاثًا بغَرْفةٍ واحدةٍ؛ لما ذَكَرْنَا مِنَ الأَحاديثِ. وإن أَفْرَدَ المَضْمَضةَ بثلاثِ غَرَفاتٍ، والاسْتِنْشَاقَ بثلاثٍ، جَازَ؛ لأنَّه قد رُوِىَ في حَدِيثِ طَلْحةَ بن مُصَرِّف، عن أبِيهِ، عن جَدِّه، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أَنه فَصَلَ بَيْنَ المَضْمَضَةِ والاسْتِنْشَاقِ. رَوَاهُ أبُو دَاوُد (٢٣). ولأنَّ الكَيْفِيَّةَ في الغَسْلِ غَيْرُ وَاجِبةٍ.

فصل: ولا يَجِبُ التَّرْتِيبُ بينهما وبَيْنَ غَسْلِ بَقِيَّةِ الوَجْهِ؛ لأنَّهما من أَجْزائِه، ولكن المُسْتَحَبَّ أَن يَبْدأَ بهما قبلَ الوَجْهِ؛ لأنَّ كُلَّ مَنْ وَصَفَ وُضُوءَ رَسُولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ذكرَ أنه بَدَأ بهما إلَّا شيئًا نادِرًا. وهل يَجِبُ التَّرْتيبُ والمُوالاةُ بينهما وبين سائِرِ الأَعْضاءِ غيرِ الوَجْهِ؟ على رِوَايَتَيْنِ: إحداهما تَجِبُ، وهو ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقىِّ؛ لأنَّهما مِنَ الوَجْهِ، فوَجَبَ غَسْلُهما قبلَ غَسْلِ اليَدَيْنِ لِلْآيةِ، وقِيَاسًا عَلَى سائِرِ أَجْزائِه. والثانية لا تَجِبُ، بل لو تَرَكَهُما في وُضُوئِه وصَلَّى (٢٤) تَمَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ وأعادَ الصَّلاةَ ولم يُعِدِ الوُضُوءَ؛ لِمَا رَوَى المِقْدَامُ بنُ مَعْدِيكَرِبَ، أنَّ رَسُولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أُتِىَ بِوَضُوءٍ، فغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلاثًا، ثم غَسَلَ [وَجْهَهُ ثَلَاثًا، ثم غَسَلَ] (٢٥) ذِرَاعَيْهِ ثَلاثا، ثم مَضْمَضَ واسْتَنْشَقَ. رَوَاهُ أبو دَاوُد (٢٦). ولأنَّ وُجُوبَهُما بغَيْرِ القُرْآن، وإنَّما وَجَبَ التَّرْتِيبُ بَيْنَ الأَعْضاءِ المَذْكُورةِ [في القرآنِ] (٢٧)، لأنَّ في الآيةِ ما يَدُلُّ علَى إرَادَةِ التَّرْتِيبِ. ولم يُوجَدْ ذلك فيهما. قِيلَ لأَحْمَد: فنَسِىَ المَضْمَضةَ وَحْدَها؟ قال: الاسْتِنْشاقُ عِنْدِى آكَدُ (٢٨)، وذلك لِصِحَّةِ الأخْبارِ الواردةِ فيه بخُصُوصهِ. قال أَصْحابُنا: وهل يُسَمَّيانِ فَرْضًا مع وُجُوبِهِما؟ على


(٢٣) في: باب في الفرق بين المضمضة والاستنشاق، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٣٠.
(٢٤) في الأصل زيادة: "ثم".
(٢٥) سقط من: م.
(٢٦) في: باب صفة وضوء النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٢٧. ووضع قوله "ثم تمضمض واستنشق ثلاثا" بين معقوفين، وجاء بعد قوله: "فغسل كفيه ثلاثا". ولعله تصرف من الناشر.
(٢٧) سقط من: م.
(٢٨) في الأصل: "أوكد".

<<  <  ج: ص:  >  >>