للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له الرُّجُوعُ على إخْوَتِه؛ لأنَّ العَطِيَّةَ لَزِمَتْ بِمَوْتِ أبِيه، إلَّا على الرِّوايةِ الأخرى، التي ذَهَبَ إليها أبو عبدِ اللَّه ابن بَطَّةَ. ولا خِلَافَ في أنَّه يُسْتَحَبُّ لِمَنْ (١١) أُعْطِىَ أنَّ يُسَاوِىَ أخَاه في عَطِيَّتِه، ولذلك أمَرَ أبو بكرٍ وعمرُ، رَضِىَ اللَّه عنهما، قَيْسَ بن سَعْدٍ، بِرَدِّ قِسْمَةِ أبِيه، لِيُسَاوُوا المَوْلُودَ الحادِثَ بعدَ مَوْتِ أبِيه.

فصل: وللأبِ أنَّ يَأْخُذَ من مالِ وَلَدِه ما شاءَ، ويَتَمَلَّكَه، مع حاجةِ الأبِ إلى ما يَأْخُذُه، ومع عَدَمِها، صَغِيرًا كان الوَلَدُ أو كَبِيرًا، بِشَرْطَيْنِ؛ أحدهما، أن لا يُجْحِفَ بالابْنِ، ولا يَضُرَّ به، ولا يَأْخُذَ شيئا تَعَلَّقَتْ به حاجَتُه. الثاني، أنَّ لا يَأْخُذَ من مالِ وَلَدٍ (١٢) فيُعْطِيَه الآخَرَ. نَصَّ عليه أحمدُ، في رِوَايةِ إسماعيلَ بن سَعِيدٍ، وذلك لأنَّه مَمْنُوعٌ من تَخْصِيصِ بعضِ وَلَدِه بالعَطِيَّةِ من مالِ نَفسِه، فلَأن يُمنَعَ من تَخْصيصِه بما أخَذَ من مالِ وَلَدِه الآخَرِ أَوْلَى. وقد رُوِىَ أن مَسْرُوقًا زَوَّجَ ابْنَتَه بِصَدَاقٍ عَشْرَةِ آلافٍ، فأخَذَها، وأَنْفَقَها في سَبِيلِ اللَّه، وقال لِلزَّوْجِ: جَهِّز امْرَأتَكَ. وقال أبو حنيفةَ، ومالِكٌ، والشافِعِيُّ: ليس له أن يَأْخُذَ من مالِ وَلَدِه إلَّا بِقَدرِ حاجَتِه؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إنَّ دِمَاءَكُمْ وأمْوالَكُمْ عَلَيْكُم حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُم هذَا، في شَهْرِكُمْ هذا، [فِي بَلَدِكُمْ هذَا] (١٣) " مُتَّفَقٌ عليه (١٤). ورَوَى الحَسنُ، أنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "كُلُّ أحَدٍ أحَقُّ بِكَسْبِهِ مِنْ وَالِدِهِ وَوَلَدِهِ وَالنَّاسِ أجْمَعِينَ". رَوَاه سَعِيدٌ في "سُنَنِه" (١٥). وهذا نَصٌّ. ورُوِى أن النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَا يَحِلُّ مَالُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إلَّا عَنْ (١٦) طِيبِ نَفْسِهِ". روَاه الدّارَقُطْنِيُّ (١٧). ولأنَّ مِلْكَ الابْنِ تامٌّ


(١١) في م: "من".
(١٢) في م: "ولده".
(١٣) سقط من: م.
(١٤) تقدم تخريجه في صفحة: ٥/ ١٥٦.
(١٥) وأخرجه البيهقي، في: باب من قال يجب على الرجل مكاتبة عبده. . ., من كتاب المكاتب. السنن الكبرى ١٠/ ٣١٩. عن حبان بن أبي جبلة.
(١٦) في م: "على".
(١٧) تقدم تخريجه في: ٦/ ٦٠٦. ويضاف إليه: =

<<  <  ج: ص:  >  >>