للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البائِعِ. ووجْهُ الأوَّلِ، قَوْلُ النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "وإنْ تَفَرَّقَا بَعْدَ أنْ تَبَايَعَا، ولَمْ يَتْرُكْ أحَدُهُمَا البَيْعَ، فَقَدْ وَجَبَ البَيْعُ" (٣٣). وما ذَكَرْناهُ لِلْقَوْلِ الآخَرِ يَنْتَقِضُ بِبَيْعِ ما تَقَدَّمَتْ رُؤْيَتُه، وبَيْعِ المَوْصُوفِ، والسَّلَمِ، فإنَّ ذلك لَازِم مع ما ذَكَرْناه، وكذلك سائِرُ المَبِيعِ على إحْدَى الرِّوايَتَيْنِ.

٧٠٣ - مسألة؛ قال: (والْخِيَارُ يَجُوزُ أكْثَرَ من ثَلَاثٍ)

يعنى ثَلاثَ لَيالٍ بِأيَّامِها. وإنَّما ذَكَرَ اللَّيالِى؛ لأنَّ التَّارِيخَ يَغْلِبُ فيه التَّأْنِيثُ، قال اللهُ تعالى: {وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلَاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً} (١). وقال تعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (٢). وفى حَدِيثِ حَبَّانَ (٣): "وَلَكَ الخِيَارُ ثَلَاثًا" (٤). ويَجوزُ اشْتِراطُ الخِيارِ ما يَتَّفِقانِ عليه من المُدَّةِ المَعْلُومَةِ، قَلَّتْ مُدَّتُه أو كَثُرَتْ، وبذلك قال أبو يوسفَ، ومحمدٌ، وابنُ المُنْذِرِ. وحُكِىَ ذلك عن الحَسَنِ بن صالِحٍ، والعَنْبَرِىّ، وابنِ أبى لَيْلَى، وإسْحَاقَ، وأبِى ثَوْرٍ، وأجازَه مالِكٌ فيما زادَ على الثَّلاثِ بِقَدْرِ الحاجَةِ، مثلُ قَرْيَةٍ لا يَصِلُ إليها فى أقَلَّ من أرْبَعَةِ أيَّامٍ، لأنَّ الخِيارَ لِحاجَتِه، فيُقَدَّرُ بها. وقال أبو حَنِيفَةَ، والشَّافِعىُّ: لا يجوزُ أكْثَر من ثَلاثٍ؛ لما رُوِىَ عن عُمَرَ، رَضِىَ اللَّه عنه،


(٣٣) تقدم تخريجه فى صفحة ١٠.
(١) سورة الأعراف ١٤٢.
(٢) سورة البقرة ٢٣٤.
(٣) حَبَّان بن منقذ بن عمرو، الأنصارى الخزرجى، له صحبة، شهد أحدًا وما بعدها. توفى فى خلافة عثمان. أسد الغابة ١/ ٤٣٧.
(٤) لفظ: "ثلاثا" سقط من الأصل.
والحديث أخرجه ابن ماجه، فى: باب الحجر على من يفسد ماله، من كتاب الأحكام. سنن ابن ماجه ٢/ ٧٨٩. والبيهقى، فى: باب الدليل على أن لا يجوز شرط الخيار فى البيع أكثر من ثلاثة أيام، من كتاب البيوع. السنن الكبرى ٥/ ٢٧٣، ٢٧٤. والدارقطنى عن منقذ بن عمرو، أبى حبان، فى: كتاب البيوع. سنن الدارقطنى ٣/ ٥٦. والحاكم، فى: باب لا عهدة فوق أربع، من كتاب البيوع. المستدرك ٢/ ٢٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>