للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإِحْرَامِ. وحُكِىَ عن دَاوُدَ، أنَّه لا جَزَاءَ فيه؛ لأنَّ الأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، ولم يَرِدْ فيه نَصٌّ فيَبْقَى بحَالِه. ولَنا، أنَّ الصَّحَابَةَ، رَضِىَ اللهُ عنهم، قَضَوْا فى حَمَامِ الحَرَمِ بِشَاةٍ شاة. رُوِىَ ذلك عن عمرَ، وعثمانَ، وابنِ عمرَ، وابنِ عَبَّاسٍ. ولم يُنْقَلْ عن غيرِهم خِلَافُهم، فيكونُ إجْمَاعًا. ولأنَّه صَيْدٌ مَمْنُوعٌ منه لِحَقِّ اللهِ تعالى، أشْبَهَ الصَّيْدَ فى حَقِّ المُحْرِمِ.

فصل: وما يَحْرُمُ ويُضْمَنُ فى الإِحْرَامِ يَحرمُ ويُضْمَنُ فى الحَرَمِ، ومالا فلا، إلَّا شَيْئَيْنِ؛ أحدُهما، القَمْلُ. مُخْتَلَفٌ فى قَتْلِه فى الإِحْرامِ، وهو مُبَاحٌ فى الحَرَمِ بلا اخْتِلَافٍ؛ لأنَّه حُرِّمَ فى الإِحْرَامِ لِلتَّرَفُّهِ بِقَتْلِه وإزَالَتِه، لا لِحُرْمَتِه، ولا يَحْرُمُ التَّرَفُّهُ فى الحَرَمِ (٦)، فأشْبَهَ ذلك قَصَّ (٧) الشَّعْرِ وتَقْلِيمَ الظُّفْرِ. الثانى، صَيْدُ البَحْرِ. مُبَاحٌ فى الإِحْرَامِ بغير خِلَافٍ، ولا يَحِلُّ صَيْدُه من آبَارِ الحَرَمِ وعُيُونِه. وكَرِهَهُ جابِرُ بنُ عبدِ اللهِ؛ لِعُمُومِ قَوْلِه عليه السَّلَامُ: "لَا يُنَفَّرُ صَيْدُها". ولأنَّ الحُرْمَةَ تَثْبُتُ لِلصَّيْدِ، كحُرْمَةِ المكانِ، وهو شَامِلٌ لِكُلِّ صَيْدٍ، ولأنَّه صَيْدٌ غيرُ مُؤْذٍ، فأَشْبَهَ الظِّبَاءَ. وعن أحمدَ، رِوَايَةٌ أُخْرَى: أنَّه مُبَاحٌ؛ لأنَّ الإِحْرَامَ لا يُحَرِّمُه، فأشْبَهَ السِّبَاعَ والحَيَوَانَ الأهْلِىَّ.

فصل: ويُضْمَنُ صَيْدُ الحَرَمِ فى حَقِّ المُسْلِمِ والكَافِرِ، والكَبِيرِ والصَّغِيرِ، والحُرِّ والعَبْدِ؛ لأنَّ الحُرْمَةَ تَعَلَّقَتْ بِمَحَلِّه بِالنِّسْبَةِ إلى الجَمِيعِ، فوَجَبَ ضَمَانُه كالآدَمِىِّ.

فصل: ومن مَلَكَ صَيْدًا فى الحِلِّ، فأدْخَلَهُ الحَرَمَ، لَزِمَهُ رَفْعُ يَدِهِ عنه وإرْسَالُه، فإن تَلِفَ فى يَدِهِ، أو أتْلَفَه، فعليه ضَمَانُه، كصَيْدِ الحِلِّ فى حَقِّ المُحْرِمِ. قال عَطاءٌ: إن ذَبَحَهُ، فعليه الجَزَاءُ. ورُوِىَ ذلك عن ابنِ عمرَ. وممَّن


(٦) فى ب: "الحل".
(٧) فى أ، ب: "قطع".

<<  <  ج: ص:  >  >>