للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنِ عباسٍ أنَّ ذلك يَقْطَعُ الصلاةَ. ورَخَّصَ فيهِ مُجَاهِدٌ، وإسحاقُ، للشَّيْخِ. ولَنا، أنَّه لم يُنْقَلْ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وقد كَرِهَهُ ابْنُ عبَّاسٍ، ويُمْكِنُ للشَّيْخِ (١) أنْ يَعْتَمِدَ على يدَيْهِ، فَيسْتَغْنِىَ عنهُ، ولا تَبْطُلُ الصلاةُ به، لأنَّه ليس بعَمَلٍ كَثِيرٍ، ولا وُجد فيه ما يَقْتَضِى البُطْلَانَ.

فَصْلٌ: ثم يُصَلِّى الثَّالِثَةَ والرابعةَ كالثَّانِيَةِ (٢)، إلَّا أنَّه: لا يَقْرَأُ فيهما شيئًا بعدَ الفاتحَةِ، ولا يَجْهَرُ فيهما في صلاةِ الجَهْرِ. وسيأْتِى بَيَانُ ذلك، إنْ شاء اللهُ تعالى.

١٧٦ - مسألة؛ قال: (فَإذَا جَلَسَ لِلتَّشَهُّدِ الأَخِيرِ تَوَرَّكَ، فَنَصَبَ رِجْلَهُ اليُمْنَى، وجَعَلَ بَاطِنَ رِجْلِهِ اليُسْرَى تَحْتَ فَخِذِهِ اليُمْنَى، ويَجْعَلُ أَلْيَتَيْهِ عَلَى الأَرْضِ)

السُّنَّةُ عندَ إمامِنا، رَحِمَهُ اللهُ، التَّوَرُّكُ في التَّشَهُّدِ الثَّانِى. وإِليهِ ذَهَبَ مالكٌ، والشافعىُّ. وقالَ الثورِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ: يجلِسُ مُفْتَرِشًا كَجُلُوسِهِ في الأَوَّلِ؛ لِمَا ذَكَرْنَا مِن حديثِ وائِلِ بنِ حُجْرٍ، وأبي حُمَيْدٍ، في صِفَةِ جلوسِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-. ولَنا، قولُ أبى حُمَيْدٍ: حتى إذا كانَتِ الرَّكْعَةُ الَّتِى يَقْضِى فيها صلاتَهُ أخَّرَ رِجْلَهُ اليسرى، وجَلَسَ مُتَوَرِّكًا على شِقِّهِ الأيسرِ. وهذا بَيَانُ الفَرْقِ بين التَّشهُّدَيْنِ، وزِيَادَةٌ يَجِبُ الأخْذُ بها والمَصِيرُ إليها، والذي احْتَجُّوا به في التَّشَهُّدِ الأَوَّلِ، لا نِزَاعَ بَيْنَنَا فيه، وأبو حُمَيْدٍ رَاوِى حديثهِمْ بيَّنَ في حديثِه أنَّ افْتِرَاشَهُ كان (١) فِي التَّشَهُّدِ الأوَّلِ، وأنَّه تَوَرَّكَ في الثَّانِى، فيَجِبُ المَصِيرُ إلى قولِه وبَيَانِه.

فأمَّا صِفَةُ التَّوَرُّكِ، فقالَ الْخِرَقِىُّ: يَنْصِبُ رِجْلَهُ اليُمْنَى، ويَجْعَلُ باطِنَ رِجْلِهِ اليُسْرَى تحتَ فَخِذِهِ اليُمْنَى، ويَجْعَلُ أَلْيَتَيْهِ على الأرضِ. وذكرَ القاضي مثلَ ذلك؛ لمَا رُوِىَ عن عبدِ اللهِ بنِ الزُّبَيْرِ قال: كانَ رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- إذا قَعَدَ في الصلاةِ جعلَ


(١) في الأصل: "الشيخ".
(٢) في الأصل: "مثل الثانية".
(١) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>