للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللهَ تعالى، فثَارَتْ في الغَرْبِ سَحَابَةٌ مثل التُّرْسِ، وَهَبَّ لها رِيحٌ، فَسُقُوا حتى كَادُوا لا يبْلُغُونَ مَنَازِلَهم. واسْتَسْقَى به الضَّحَّاكُ مَرَّةً أُخْرَى.

٣٢٧ - مسألة؛ قال: (فَإنْ سُقُوا، وإلَّا عَادُوا في الْيَوْمِ الثَّانِى والثَّالِثِ)

وبهذا قال مالِكٌ، والشَّافِعِىُّ. وقال إسحاقُ: لا يَخْرُجُونَ إلَّا مَرَّةً واحِدَةً؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لم يَخْرُجْ إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، ولكن يَجْتَمِعُونَ في مَساجِدِهِم، فإذا فَرَغُوا من الصلاةِ ذَكَرُوا اللهَ تَعَالَى، ودَعَوْا، ويَدْعُو الإِمامُ يَوْمَ الجُمُعَةِ على المِنْبَرِ، ويُؤَّمِّنُ النَّاسُ. ولَنا، أنَّ هذا أبْلَغُ في الدُّعاءِ والتَّضَرُّعِ، وقد جاءَ عن النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أنَّه قال: "إنَّ اللَّه يُحِبُّ المُلِحِّينَ في الدُّعَاءِ" (١). وأمَّا النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فلم يَخْرُجْ ثانِيًا؛ لاسْتِغْنائِه عن الخُرُوجِ بإجابَتِه أوَّلَ مَرَّةٍ، والخُرُوجُ في المَرَّةِ الأُولَى آكَدُ ممَّا بعدَها؛ لِوُرُودِ السُّنَّةِ به.

فصل: وإن تَأهَّبُوا لِلْخُرُوجِ، فَسُقُوا قبلَ خُرُوجِهِمْ، لم يَخْرُجُوا، وشَكَرُوا اللهَ على نِعْمَتِه، وسَألُوهُ الْمَزِيدَ من فَضْلِه، وإن خَرَجُوا فَسُقُوا قبلَ أن يُصَلُّوا، صَلَّوْا شُكْرًا لِلهِ تعالى، وحَمِدُوهُ ودَعَوْهُ. ويُسْتَحَبُّ الدُّعَاءُ عند نُزُولِ الغَيْثِ؛ لما رُوِىَ أنَّ (٢) النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٣) قال: "اطْلُبُوا اسْتِجَابَةَ الدُّعَاءِ عِنْدَ ثَلَاثٍ: عِنْدَ الْتِقَاءِ الجُيُوشِ، وإقَامَةِ الصَّلَاةِ، ونُزُولِ الغَيْثِ" (٤). وعن عائشةَ، رَضِىَ اللهُ عنها، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان إذا رَأَى المَطَرَ، قال: "صَيِّبًا نَافِعًا". رَوَاهُ البُخارِىُّ (٥).


(١) عزاه الإِمام السيوطي إلى: ابن عدى في الكامل، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول، والبيهقي في شعب الإيمان، وابن عساكر في تاريخه، وابن صصرى في أماليه، وحسنه عن عائشة. جمع الجوامع ١/ ١٨٤.
(٢) في الأصل: "عن".
(٣) في الأصل زيادة: "أنه".
(٤) أخرجه البيهقي، في: باب طلب الإِجابة عند نزول الغيث، من كتاب الاستسقاء. السنن الكبرى ٣/ ٣٦٠.
(٥) في: باب ما يقال إذا أمطرت، من كتاب الاستسقاء. صحيح البخاري ٢/ ٤٠. كما أخرجه النسائي، في: باب القول عند المطر، من كتاب الاستسقاء. المجتبى ٣/ ١٣٣. وابن ماجه، في: باب ما يدعو به =

<<  <  ج: ص:  >  >>