للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بسِوَاه. فإن لم تَرْضَ به، لم يَسْتَقِرَّ لها حتى تَرْضاه، فإن طَلَّقَها قبلَ الدُّخولِ، فليس لها إلَّا المُتْعةُ؛ لأنَّه لا يَثْبُتُ لها بفَرْضِه ما لم تَرْضَ به، كحالةِ الابتداءِ. وإن فَرَضَ لها أقلَّ من مَهْرِ المثلِ، فلها المطالبةُ بتَمامهِ، ولا يَثْبُتُ لها ما لم تَرْضَ به. وإن تَشاحَّا، وارْتَفَعا إلى الحاكمِ، فليس له أن يَفْرِضَ لها إلَّا مَهْرَ المِثْلِ؛ لأنَّ الزِّيادةَ مَيْلٌ عليه، والنُّقْصانَ ميلٌ عليها، والعَدْلُ المِثْلُ، ولأنَّه إنَّما يَفْرِضُ بَدَلَ البُضْعِ، فيُقَدَّرُ به، كالسِّلْعةِ إذا تَلِفَتْ فرَجَعا فى تَقْوِيمِها إلى أهلِ الخِبْرةِ. ويُعْتَبَرُ مَعْرِفةُ مَهْرِ المِثْلِ ليُتَوَصَّلَ إلى إمْكانِ فَرْضِه. ومتى صَحَّ الفَرْضُ صار كالمُسَمَّى فى العَقْدِ، فى أنَّه يتَنَصَّفُ بالطلاقِ، ولا تجبُ المُتْعةُ معه. وإذا فَرَضَه الحاكمُ، لَزِمَ ما فَرَضَه، سواءً رَضِيَتْه أو لم تَرْضَه. كما يَلْزَمُ ما حَكَمَ به.

فصل: وإن فَرَضَ لها أجْنَبِىٌّ مَهْرَ مِثْلِها، فرَضِيَتْه، لم يَصِحَّ فَرْضُه، وكان وُجُودُه كعَدَمِه؛ لأنَّه ليس بزَوْجٍ ولا حاكمٍ. فإن سَلَّمَ إليها ما فَرَضَه لها، فرَضِيَتْه، احْتَمَلَ أن لا يَصِحَّ؛ لما ذكَرْنا، ويكونُ حُكْمُها حُكْمَ مَنْ لم يَفْرِضْ لها، ويَسْتَرْجِعُ ما أعْطاها؛ لأنَّ تَصَرُّفَه ما صَحَّ (٧)، ولا بَرِئَتْ به ذِمّةُ الزَّوْجِ. ويَحْتَمِلُ أن يَصِحَّ، لأنّه يقومُ مَقامَ الزَّوْجِ فى قَضاءِ المُسَمَّى، فيقومُ مَقامَه فى قضاءِ ما يُوجِبُه العَقْدُ غير المُسَمَّى. فعلى هذا، إذا طُلِّقَتْ قبلَ الدُّخولِ، رَجَعَ نِصْفُه إلى الزَّوْجِ، لأنّه مَلَّكَه إياه حين قَضَى به دَيْنًا عليه، فيَعُودُ إليه، كما لو دَفَعَه هو. ولأصْحابِ الشافعىِّ مثلُ هذيْنِ الوَجْهيْنِ، وذكَرُوا وَجْهًا ثالثًا، [أنَّه يَرْجِعُ نِصْفُه إلى الأجْنَبِىِّ. وذكَرَه القاضى وَجْهًا لنا ثالثًا] (٨). وقد ذكَرْنا ما يَدُلُّ على صِحَّةِ ما قُلْناه. ولو أنَّ رَجُلًا قَضَى المُسَمَّى عن الزَّوجِ، صَحَّ، ثم (٩) إن طَلّقَها الزَّوْجُ قبلَ الدُّخولِ، رَجَعَ نِصْفُه إليه، وإن فَسَخَتْ نِكاحَ نَفسِها بفِعْل من جِهَتِها، رَجَعَ جَمِيعُه إليه. وعلى الوجهِ الآخرِ، يَرْجِعُ إلى مَن قَضَاه. واللَّهُ أعلمُ.


(٧) فى ب: "يصح".
(٨) سقط من: الأصل. نقل نظر.
(٩) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>