للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اخْتلَفا فى الإِرادةِ، كان حُكْمُها حُكْمَ المُطْلَقَةِ، يَرجعُ إلى غالبِ نَقْدِ البلدِ. وقال القاضى: إذا اخْتلَفا فى الإِرادةِ، وجَبَ المهرُ المُسَمَّى فى العَقْدِ؛ لأَنَّ اخْتلافَهما يَجْعلُ البَدَلَ مجهولًا، فيَجبُ المُسَمَّى فى النِّكاحِ. والأوَّلُ أصَحُّ؛ لأنَّهما لو أطْلَقا، لصَحَّتِ التَّسْميةُ، ووجبَ ألْفٌ مِن غالبِ نَقْدِ البلدِ، ولم يكُنْ إطْلاقُهما جَهَالةً تَمنعُ صِحَّةَ العِوَضِ، فكذلك إذا اخْتلَفا، ولأَنَّه يُجِيزُ العِوَضَ المجهوَل إذا لم تكُنْ جهالتُه (٢٧) تَزيدُ على جهالةِ مهرِ المِثْلِ، كعبدٍ مُطْلَقٍ وبعيرٍ وفَرَسٍ، والجَهالةُ ههُنا أقلُّ، فالصِّحَّةُ أوْلى.

فصل: إذا علَّقَ طلاقَ امرأتِه بصِفَةٍ، ثم أبانَها بخُلْعٍ أو طلاقٍ، ثم عادَ فتَزوَّجَها، ووُجِدَتِ الصِّفةُ، طَلُقَتْ. ومثالُه إذا قال: إن كلَّمْتِ أباك فأنتِ طالقٌ. ثم أبانَها بخُلْعٍ (٢٨)، ثم تَزوَّجَها، فكلَّمتْ أباها، فإنَّها تَطْلُقُ. نصَّ عليه أحمدُ. فأمَّا إن وُجِدَتِ الصِّفةُ فى حالِ البَيْنُونةِ، ثم تَزوَّجَها، ثم وُجِدَتْ مرَّةً أخرى، فظاهرُ المذهبِ أنَّها تَطْلُقُ. وعن أحمدَ ما يَدُلُّ على أنها لا تَطْلُقُ. نصَّ عليه فى العِتْقِ، فى رَجُلٍ قال لعبدِه: أنتَ حُرٌّ إن دخلتَ الدَّارَ. فباعَه، ثم رجعَ، يعنى فاشْتراه، فإن رجعَ وقد دخلَ الدَّارَ لم يَعْتِقْ. وإن لم يكُنْ دخلَ فلا يدْخلُ إذا رجعَ إليه، فإن دخَل عَتَقَ. فإذا نصَّ فى العِتْقِ على أَنَّ الصِّفةَ لا تَعودُ، وجبَ أن يكونَ فى الطَّلاق مثلُه، بل أوْلَى؛ لأنَّ العِتْقَ يَتَشَوَّفُ الشَّرعُ إليه، ولذلك قال الخِرَقِىُّ: وإذا قال إن تَزوَّجْتُ فلانةَ فهى طالقٌ. لم تَطْلُقْ إن تَزوَّجَها. ولوقال: إن مَلَكْتُ فُلانًا فهو حُرٌّ. فملكَه صار حُرًّا. وهذا اختيارُ أبى الحسنِ التَّمِيمِىِّ. وأكثرُ أهلِ العلمِ يَرَونَ أَنَّ الصفةَ لا تَعودُ إذا أبانَها بطلاقٍ ثلاثٍ، وإن لم تُوجد الصِّفةُ فى حالِ البَيْنُونةِ. هذا مذهبُ مالكٍ، وأبى حنيفةَ، وأحدُ أقوالِ الشَّافعىِّ. قال ابنُ المُنذِرِ: أجمعَ كُلُّ مَن نَحفظُ عنه مِن أهلِ العلمِ، على أن الرَّجلَ إذا قال لزوجتِه: أنت طالقٌ ثلاثًا إن دخلتِ الدَّارَ. فطلَّقَها ثلاثًا، ثم نَكَحَتْ غيرَه، ثم نكحَها الحالفُ، ثم دخلتِ الدَّارَ، أنَّه لا يَقعُ عليها الطَّلاقُ. وهذا على مذهبِ مالكٍ والشَّافعىِّ


(٢٧) فى الأصل، أ: "جهالة".
(٢٨) سقط من: الأصل، أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>