للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الإِنَاءِ: إذا كانَا نَظِيفَيْنِ، فلا بَأْسَ به. وقال في مَوْضِعٍ آخَرَ (٧): كُنْتُ لا أَرَى به بَأْسًا، ثم حُدِّثْتُ عن شُعْبة، عن مُحارِب بنِ دثارٍ، عن ابنِ عُمَر، وكأنِّى تَهَيَّبْتُه. وسُئِلَ عن جُنُبٍ وُضِعَ له ماءٌ فأَدْخَلَ يَدَهُ يَنْظُرُ حَرَّهُ مِنْ بَرْدِه؟ قال: إنْ كان إصْبَعًا فأرجو أن لا يكونَ به بَأْسٌ، وإن كانَت اليَدَ أجْمَعَ فكأَنَّه كَرِهَه. وسُئِلَ عَنِ الرَّجُلِ يَدْخُلُ الحَمَّامَ، وليس معه أحَدٌ، ولا ما يَصُبُّ بهِ على يَدِه، أتَرَى أنْ يَأْخُذَ بفَمِهِ؟ قال: لَا، يَدُهُ وفَمُهُ واحِدٌ. وقِياسُ المَذْهَبِ ما ذكرناهُ، وكلامُ أحمدَ مَحْمُولٌ على الكَرَاهَةِ المُجَرَّدَةِ؛ لِمَا فِيهِ مِنَ الخِلَافِ. وقال أبو يوسُف: إنْ أَدْخَلَ الجُنُبُ يَدَهُ في الماءِ لم يَفْسُدْ، وإن أَدْخَلَ رِجْلَهُ فَسَدَ؛ لأنَّ الجُنُبَ نَجِسٌ، وعُفِىَ عَنْ يَدِه لِمَوْضِعِ الحاجةِ. وكَرِه النَّخَعِىُّ الوُضُوءَ بِسُؤْرِ الحائِضِ. وقال جابرُ بن زَيْد: لا يَتَوَضَّأُ به للصَّلَاةِ. وأكْثَرُ أهْلِ العِلْمِ لا يَرَوْنَ بِسُؤْرِها بَأْسًا؛ منهم الحَسَنُ، ومُجَاهِد، والزُّهْرىُّ، ومالِكٌ، والأَوْزَاعِىُّ، والثَّوْرِيُّ، والشَّافِعِىُّ، وأبُو عُبَيْدٍ. وقد دَلَّلْنَا على طَهَارَةِ الجُنُبِ والحائِضِ، والتَّفْرِيقُ بين اليَدِ والرِّجْلِ لا يَصِحُّ؛ لأنَّهُما اسْتَوَيَا فيما إذا أصَابَتْهُما نَجَاسَةٌ، فاسْتَوَيَا في الجَنَابَةِ، ويَحْتَمِلُ أن نَقُولَ بهِ؛ لأنَّ اليَدَ يُرَادُ بها الاغْتِرَافُ، وقَصْدُه هو المانِعُ مِنْ جَعْلِ الماءِ مُسْتَعْمَلًا، وهذا لا يُوجَدُ في الرِّجْلِ؛ لأنَّها لا يُغْتَرَفُ بِها، فكان غَمْسُها بعدَ إرَادَةِ الغَسْلِ اسْتِعْمالًا للماءِ. واللهُ أعْلمُ.

٥٧ - مسألة؛ قال: (ولا يَتَوَضَّأُ الرَّجُلُ بِفَضْلِ وَضُوءِ (١) المَرْأَةِ إذا خَلَتْ بالْماءِ)

اخْتَلَفَت الرِّوَايةُ عن أحمدَ، رَحِمَه اللهُ، في وُضُوءِ الرَّجُلِ بفَضْلِ طَهُورِ (٢) المَرْأَةِ إذا خَلَتْ به، والمشهورُ عنه: أنَّهُ لا يجوزُ ذلك. وهو قَوْلُ عَبْدِ اللهِ بنِ سَرْجِسَ (٣)


(٧) من: م.
(١) في م: "طهور".
(٢) في م: "وضوء".
(٣) عبد اللَّه بن سرجس المزني، صحابي سكن البصرة، روى عن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- وعن الصحابة. تهذيب التهذيب ٥/ ٢٣٢, ٢٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>