للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والحسنِ، وغُنَيْمِ بنِ قَيْسٍ (٤)، وهو قَوْلُ ابنِ عُمَر في الحائِضِ والجُنُبِ. قال أحمد: قد كَرِهَه غيرُ واحِدٍ مِنْ أصْحَابِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، وأمَّا إذا كان جَمِيعًا فلا بَأْسَ. والثانية، يجوزُ الوُضُوءُ به للرِّجَالِ والنِّسَاءِ. اخْتَارَها ابنُ عَقِيل، وهو قولُ أَكْثَرِ أهْلِ العِلْمِ؛ لِمَا رَوَى مُسْلِمٌ في صَحِيحهِ، قال: كان النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَغْتَسِلُ بِفَضْلِ (٥) مَيْمُونَةَ (٦). وقالت مَيْمُونَةُ: اغْتَسَلْتُ مِنْ جَفْنَةٍ، فَفَضَلتْ فيها فَضْلَةٌ، فجاء النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- يَغْتَسِلُ، فقلتُ: إنِّي قد اغْتَسَلْتُ مِنْهُ، فقالَ: "الماءُ لَيْسَ عَلَيْه جَنَابَةٌ (٧) ". ولأنَّه مَاءٌ طَهُورٌ، جَازَ لِلْمَرْأةِ الوُضُوءُ بِهِ، فجازَ لِلرَّجُلِ كَفَضْلِ الرَّجُلِ. وَوَجْهُ الرِّوَايةِ الأُولَى ما رَوَى الحَكَمُ بنُ عَمْرٍو، أنَّ النَّبىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نَهَى أنْ يَتَوَضَّأَ الرَّجُلُ بِفَضَلِ طَهُورِ المَرْأةِ. قال التِّرْمِذِىُّ: هذا حَدِيثٌ حَسَنٌ (٨). ورَوَاهُ أبو داود، وابنُ مَاجَه (٩). قال الخَطَّابِىُّ (١٠): قال محمدُ بنُ إسماعيل: خَبَرُ الأَقْرَعِ (١١) لا يَصِحُّ. والصَّحِيحُ في هذا خَبَرُ عَبْدِ اللَّه بنِ سَرْجِسَ، وهو مَوْقُوفٌ، ومَنْ رَفَعَهُ فقد أَخْطَأَ. قُلْنَا: قد رَوَاهُ أحمدُ، واحْتَجَّ به، وهذا يُقَدَّمُ عَلَى التَّضْعِيفِ؛ لِاحْتِمالِ أن يكونَ قد رُوِىَ مِنْ وَجْهٍ صَحِيحٍ خَفِىَ على مَنْ ضَعَّفَهُ، وأيضًا فإنَّهُ قَوْلُ جَماعةٍ مِن


(٤) غنيم بن قيس المازنى، أدرك النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- ورآه. وقال أبو سعيد بن يونس: لا تصح له رواية ولا صحبة. أسد الغابة ٤/ ٣٤٣.
(٥) في م زيادة: "وضوء".
(٦) أخرجه مسلم، في: باب القدر المستحب من الماء في غسل الجنابة، وغسل الرجل والمرأة في إناء واحد إلخ، من كتاب الحيض. صحيح مسلم ١/ ٢٥٧. وابن ماجه، في: باب الرخصة بفضل وضوء المرأة، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ١٣٢.
(٧) تقدم في صفحة ٣١. وهو بهذا اللفظ عند الدارقطني، أخرجه في: باب استعمال الرجل فضل وضوء المرأة، من كتاب الطهارة. سنن الدارقطني ١/ ٥٢.
(٨) أخرجه الترمذي، في: باب في كراهية فضل طهور المرأة. من كتاب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ٨٢.
(٩) أخرجه أبو داود، في: باب النهي عن الوضوء بفضل المرأة، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ١٩. وابن ماجه، في: باب النهي عن الوضوء بفضل وضوء المرأة، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ١٣٢. كما أخرجه النسائي، في: باب النهي عن فضل وضوء المرأة، من كتاب المياه. المجتبى ١/ ١٤٦. والإمام أحمد، في: المسند ٤/ ٢١٣، ٥/ ٦٦.
(١٠) في معالم السنن ١/ ٤٢.
(١١) هو الحكم بن عمرو. كما جاء في معالم السنن.

<<  <  ج: ص:  >  >>