للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإِجْمَاعِ في التَّرْجِيعِ في الإِقامةِ، ولذلك عَمِلْنا نحن وأبو حَنِيفة بخَبَرِه في الأذانِ، وأخَذَ بأذانِهِ مالكٌ والشَّافِعِىُّ، وهما يَرَيان إفْرَادَ الإِقَامَة.

١٢٣ - مسألة؛ قال: (ويَتَرَسَّلُ في الأَذَانِ ويَحْدُرُ الإِقَامَةَ)

التَّرَسُّلُ: التَّمَهُّلُ والتَّأَنِّى. من قولِهِمْ: جاء فُلَانٌ على رِسْلِهِ. والحَدْرُ: ضِدُّ ذلك، وهو الإِسْرَاعُ، وقَطْعُ التَّطْوِيلِ. وهذا من آدابِ الأذانِ ومُسْتَحَبَّاتِهِ؛ لقولِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "إذَا أَذَّنْتَ فَتَرسَّلْ، وإذَا أَقَمْتَ فَاحْدُرْ". رَوَاهُ أبو داود، والتِّرْمِذِىُّ (١)، وقال: هو حديثٌ غريبٌ. ورَوَى أبو عُبَيْد (٢)، بإسْنَادِهِ، عن عمرَ، رضى اللهُ عنه، أنه قال لِمُؤَذِّنِ بَيْتِ المَقْدِسِ: إذا أذَّنْتَ فتَرَسَّلْ، وإذا أقَمْتَ فاحْذِمْ. قال الأصْمَعِىُّ: وأصْلُ الحَذْمِ (٣) في المَشْى إنَّما هو الإِسراعُ، وأن يكونَ مع هذا كأنَّه يَهْوِى بِيَدَيْهِ إلَى خَلْفِه. ولأنَّ هذا مَعْنًى يَحْصُلُ به الفَرْقُ بين الأذانِ والإِقامةِ، فاسْتُحِبَّ، كالإِفْرَادِ، ولِأنَّ الأذانَ إعْلَامُ الغَائِبِينَ، والتَّثْبِيتُ فيه أبْلَغُ في الإِعْلَامِ، والإِقامةُ إعْلَامُ الحاضِرِين (٤)، فلا حاجةَ إلى التَّثَبُّتِ فيها.

فصل: ذَكَرَ أبو عبدِ اللهِ ابن بَطَّةَ، أنه حَالَ تَرَسُّلهِ ودَرْجِه، لا يَصِلُ الكلام بَعْضَه ببَعْضٍ مُعْرَبًا، بل جَزْمًا. وحكاهُ عن ابْنِ الأنْبَارِى، عن أهْلِ اللُّغةِ. قال: وَرُوِىَ عن (٥) إبراهِيمَ النَّخَعِىِّ قال: شيئانِ مَجْزُومَانِ كانوا لا يُعْرِبُونَهُمَا؛ الأذانُ، والإِقامَةُ. قال: وهذه إشارةٌ إلى جَماعَتِهم.


(١) لم نجده عند أبي داود، وأخرجه الترمذى، في: باب ما جاء في الترسل في الأذان، من أبواب الصلاة. عارضة الأحوذى ١/ ٣١١، ٣١٢.
(٢) في غريب الحديث ٣/ ٢٤٤، ٢٤٥. والنقل عن الأصمعى فيه.
(٣) في م زيادة: "بالحاء المهملة". وليس في غريب الحديث. والنقل عنه.
(٤) في الأصل: "للحاضرين".
(٥) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>