للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشامِ، فى النَّاحِيَةِ التى قُتِلَ فيها أَبُوه، فأَمَّا يُبْنَا فهى من أرضِ فِلَسْطِين، ولم يكُنْ أُسامَةُ ليَصِلَ إليها، ولا يأْمُرُه النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بالإِغارَةِ عليها، لبُعْدِها، والخَطرِ بالمصيرِ إليها، لتَوَسُّطِها فى البلادِ، وبُعْدِها من طَرَفِ الشام، فما كان النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ليأْمُرَه بالتَّغْرِيرِ بالمسلمين، فكيف يُحْمَلُ الخبرُ عليها، مع مُخالَفَةِ لَفْظِ الرِّواية، وفَسادِ المَعْنَى!

١٦٧٣ - مسألة؛ قال: (ولَا يَتَزَوَّجُ فِى أرْضِ الْعَدُوِّ، إلَّا أنْ تَغْلِبَ عَلَيْهِ الشَّهْوَةُ، فَيَتَزَوَّجَ مُسْلِمَةً، ويَعْزِلَ عَنْهَا. ولَا يَتَزَوَّجُ مِنْهُمْ، ومَن اشْتَرى مِنْهُمْ جَارِيَةً، لم يَطَأْهَا فِى الفَرْجِ، وَهُوَ فِى أَرْضِهِمْ)

يعنى -واللهُ أعلمُ- مَنْ دَخَلَ أرْضَ العَدُوِّ بأمَانٍ، فأَمَّا (١) إنْ كان فى جيشِ المسلمين، فمُباحٌ له أنْ يتزَوَّج. وقد رُوِىَ عن سعيدِ بن أبي هِلَال، أَنَّه بَلَغَه، أنَّ رسولَ اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَوَّجَ أبا بكرٍ أَسماءَ بنتَ (٢) عُمَيْسٍ، وهم تَحْتَ الرَّاياتِ. أخْرجَهُ سعيدٌ (٣). ولأنَّ الكُفَّارَ لا يَدَ لهم عليه، فأشْبَهَ مَنْ فى دارِ الإِسلامِ. وأمَّا الأسِيرُ، فظاهِرُ كلامِ أحمد أنَّه لا يَحِلُّ له التَّزَوُّجُ ما دامَ أسِيرًا، لأنَّه مَنَعَه مِن وَطْءِ امْرَأَتِه إذا أُسِرَتْ مَعَه، مع صِحَّةِ نِكاحِهما. وهذا قولُ الزُّهْرِىِّ، فإنَّه قال: لا يَحِلُّ للأَسِيرِ أنْ يتَزَوَّجَ، ما كان فى أَيْدِى [العَدُوِّ (٤). وكَرِه الحَسَنُ أنْ يتزوَّجَ ما كان (٥) فى أرضِ] (٦) المشركين، ولأنَّ (٧) الأسِيرَ إذا وُلِدَ له ولَدٌ كان رقيقًا لهم، ولا يأمَنُ أنْ يطأَ امرَأَتَه غيرُه منهم. وسُئِلَ أحمد عن أسيرٍ أُسِرَتْ (٨) معه امْرَأَتُه، أَيَطؤُها؟ [فقال: كيفَ يَطَؤُها] (٩)، ولعلَّ (١٠) غيرَه منهم يَطَؤُها! قال الأَثْرَمُ:


(١) سقط من: ب.
(٢) فى ب، م: "ابنة".
(٣) فى: باب جامع الشهادة، من كتاب الجهاد. السنن ٢/ ٣١٢.
(٤) فى الأصل: "المشركين".
(٥) فى م: "دام".
(٦) سقط من: ب.
(٧) سقطت الواو من: م.
(٨) فى م: "اشتريت" تحريف.
(٩) سقط من: أ.
(١٠) فى م: "فلعل".

<<  <  ج: ص:  >  >>