للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحدٍ منهما لصاحبِه شُرَيحٌ، والحَسَنُ، والشَّافِعِىُّ، وأبو ثَوْرٍ؛ لأَنَّه عَقْدٌ على مَنْفعَةٍ، فلا يَمْنَعُ قَبولَ الشَّهادَةِ، كالإِجارَةِ. وعن أحمدَ، رِواية أُخْرَى، كقولِهم. وقال الثَّورِىُّ، وابنُ أبى ليلَى: تُقْبَلُ شَهادَةُ الرَّجُلِ لامْرأتِه؛ لأَنَّه لا تُهْمَةَ فى حقِّه، ولا تُقَبلُ شَهادتُها له؛ لأنَّ يَسارَه وزِيادَةَ حقِّها من النَّفقةِ، تَحْصُلُ بشهادتِها له بالمالِ (٢)، فهى مُتَّهَمةٌ لذلك. ولَنا، أَنَّ كلَّ واحد منهما يَرِثُ الآخَرَ مِن غيرِ حَجْبٍ، ويَنْبسِطُ فى مالِه عادةً، فلم تُقْبَلْ شَهادتُه له، كالابنِ مع أبيه؛ ولأنَّ يَسارَ الرَّجلِ يَزِيدُ نَفقةَ امْرأتِه، ويَسارَ المرأةِ تَزِيدِ به قِيمةُ بُضْعِها (٣) المملوكِ لزَوجِها، فكان كُلُّ واحدٍ منهما يَنتفِعُ بشَهادتِه لصاحبِه، فلم تُقْبَلْ، كشهادتِه لنفسِه. ويُحَقِّقُ هذا أَنَّ مالَ كلِّ واحدٍ منهما يُضافُ إلى الآخَرِ، قال اللَّهُ تعالى: {وَقَرْنَ فِى بُيُوتِكُنَّ} (٤). وقال: {لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِىِّ} (٥). فأضافَ البُيوتَ إليهنَّ تارةً، وإلى النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أُخْرَى، وقال: {لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ} (٦). وقال عُمرُ، للذى قال له: إِنَّ (٧) غُلامى سَرَقَ مِرْآةَ امْرَأتى: لا قَطعَ عليه، عَبْدُكم سرَقَ مالَكم (٨). ويُفارِقُ عَقْدَ الإِجارَةِ من هذه الوُجوهِ كلِّها.

١٨٩٩ - مسألة؛ قال: (وَشَهادَةُ الأَخِ لِأَخِيهِ جَائِزَةٌ)

قال ابنُ المُنذرِ: أجمعَ أهلُ العِلمِ على أَنَّ شهادةَ الأَخِ لأخيهِ جائزِة. رُوِىَ هذا عنِ ابنِ الزُّبيرِ (١). وبه قالَ شُرَيحٌ، وعمرُ بنُ عبدِ العزيزِ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعىُّ، والثَّورىُّ، ومالكٌ، والشَّافعى، وأبو عُبيدٍ، وإسحاقُ، وأبو ثور، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وحُكِىَ فى ابنِ المُنْذِرِ، عن الثَّوْرِىِّ، أنَّه لا تُقْبَلُ شَهادةُ كل ذى رَحِمٍ مَحْرَمٍ. وعن مالكٍ، أنَّه لا تُقْبَلُ


(٢) فى الأصل: "بمال".
(٣) فى ب، م: "بعضها".
(٤) سورة الأحزاب ٣٣.
(٥) سورة الأحزاب ٥٣.
(٦) سورة الطلاق ١.
(٧) سقط من: الأصل.
(٨) تقدم فى: ١٢/ ٤٥٩.
(١) أخرجه عبد الرزاق، فى: باب شهادة الأخ لأخيه. . .، من كتاب الشهادات. المصنف ٨/ ٣٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>