للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّاهِنُ عَتَقَ. وإن رَجَعَ هذا المَبِيعُ إلى الرَّاهِنِ بإِرْثٍ أو بَيْعٍ أو هِبَةٍ أو غير ذلك، أو بِيعَ جَمِيعُها، ثم رَجَعَتْ إليه، ثَبَتَ لها حُكْمُ الاستِيلَادِ. وقال مالِكٌ: إن كانت الأمَةُ تَخْرُجُ إلى الرَّاهِنِ وتَأْتِيهِ، خَرَجَتْ من الرَّهْنِ، وإن تَسَوَّرَ عليها، أخَذَ وَلَدَهَا، وبِيعَتْ. ولَنا، أنَّ هذه أُمُّ وَلَدٍ، فلم يَثْبُتْ فيها حُكْمُ الرَّهْنِ، كما لو كان الوَطْءُ سَابِقًا على الرَّهْنِ، أو نَقُولُ: مَعْنًى يُنَافِى الرَّهْنَ في ابْتِدَائِه، فنَافَاهُ في دَوَامِه، كالحُرِّيَّةِ.

فصل: فإن كان الوَطْءُ بإذْنِ المُرْتَهِنِ، خَرَجَتْ من الرَّهْنِ، ولا شىءَ لِلْمُرْتَهِنِ، لأنَّه أَذِنَ في سَبَبِ ما يُنَافِى حَقَّهُ، فكان إِذْنًا فيه. ولا نَعْلَمُ في هذا خِلَافًا. وإن لم تَحْبَلْ، فهى رَهْنٌ بحَالِها. فإن قيل: إنَّما أَذِنَ في الوَطْءِ، ولم يَأْذَنْ في الإِحْبَالِ. قُلْنا: الوَطْءُ هو المُفْضِى إلى الإِحْبَالِ، ولا يَقِفُ ذلك على اخْتِيَارِه، فالإِذْنُ في سَبَبِه إذْنٌ فيه، فإن أَذِنَ ثم رَجَعَ، فهو كمَن لم يَأْذَنْ. وإن اخْتَلَفَا في الإِذْنِ، فالقولُ قولُ مَن يُنْكِرُه، وإن أقَرَّ المُرْتَهِنُ بالإِذْنِ، وأنْكَرَ كَوْنَ الوَلَدِ من الوَطْءِ المَأْذُونِ فيه، أو قال: هو مِن زَوْجٍ أو زِنًا. فالقولُ قولُ الرَّاهِنِ، بَأرْبَعةِ شُرُوطٍ؛ أحَدِها، أن يَعْتَرِفَ المُرْتَهِنُ بالإِذْنِ. والثانى، أن يَعْتَرِفَ بالوَطْءِ. والثالثِ، أن يَعْتَرِفَ بالوِلَادَةِ. والرابعِ، أن يَعْتَرِفَ بِمُضِيِّ مُدَّةٍ بعدَ الوَطْءِ يُمْكِنُ أن تَلِدَ فيها، فَحِينَئِذٍ لا يُلْتَفَتُ إلى إنْكَارِه، ويكونُ القولُ قولَ الرَّاهِنِ بغيرِ يَمِينٍ؛ لأنَّنا لم نُلْحِقْهُ به بِدَعْوَاه، بل بالشَّرْعِ. فإن أنْكَرَ شَرْطًا من هذه الشُّرُوطِ، فقال: لم آذَنْ. أو قال: أَذِنْتُ فما وُطِئَتْ. أو قال: لم تَمْضِ مُدَّةٌ تَضَعُ فيها الحَمْلَ منذُ وُطِئَتْ. أو قال: ليس هذا وَلَدَهَا، وإنما اسْتَعَارَتْه. فالقولُ قولُه؛ لأنَّ الأَصْلَ عَدَمُ ذلك كلِّه، وبَقَاءُ الوَثِيقَةِ صَحِيحَةً حتى تَقُومَ البَيِّنَةُ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِيِّ.

فصل: ولو أَذِنَ في ضَرْبِهَا، فضَرَبَها فتَلِفَتْ، فلا ضَمَانَ عليه؛ لأنَّ ذلك تَوَلَّدَ من المَأْذُونِ فيه، كتَوَلُّدِ الإِحْبَالِ من الوَطْءِ.

فصل: إذا أَقَرَّ الرَّاهِنُ بالوَطْءِ لم يَخْلُ من ثلاثةِ أحْوالٍ؛ أحَدِها، أن يُقِرَّ به

<<  <  ج: ص:  >  >>