للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن أهلَ الكوفةِ يقولون: لا تَفْتَحْ على الإِمامِ. وما بَأْسٌ به، أليس يقولُ سُبْحَانَ اللهِ! وقال أبو دَاوُدَ: لم يَسْمَعْ أبو إسْحاقَ من الحارِثِ إلَّا أرْبَعَةَ أحَادِيثَ، ليس هذا منها.

فصل: وإذا أُرْتِجَ على الإِمامِ في الفاتِحَةِ لَزِمَ مَن وَرَاءَه الفَتْحُ عليه، كما لو نَسِىَ سَجْدَةً لَزِمَهم تَنْبِيهُه بالتَّسْبِيحِ. فإنْ عَجَزَ عن إتْمامِ الفاتِحَةِ فله أنْ يسْتَخْلِفَ من يُصَلِّى بهم؛ لأنه عُذْرٌ، فجازَ أن يَسْتَخْلِفَ من أجْلِهِ، كما لو سَبَقَه الحَدَثُ. وكذلك لو عَجَزَ في أثناء الصَّلاةِ عن رُكْنٍ يَمْنَعُ الائْتِمَامَ، كالرُّكُوعِ أو السُّجُودِ، فإنَّه يَسْتَخْلِفُ مَنْ يُتِمُّ بهم الصَّلاةَ، كمن سَبَقَه الحَدَثُ، بل هذا أوْلَى بالاسْتِخْلافِ؛ [لأنَّ مَنْ سَبَقَهُ الحَدَثُ قد بَطَلَتْ صَلاتُه، وهذا صَلاتُه صَحِيحَةٌ] (٣٥)، [فكان بالاسْتِخْلافِ أَوْلَى. وإذا لم يقْدِرْ على إتْمامِ الفاتحةِ، فقال ابنُ عَقِيلٍ: يأْتِى بما يُحْسِنُ] (٣٦)، ويَسْقُطُ عنه ما عَجَزَ عنه، وتَصِحُّ صلاتُه؛ لأنَّ القِرَاءَةَ رُكْنٌ عَجَزَ عنه في أثْناءِ الصَّلاةِ، فسَقَطَ كالِقيَامِ، فأمَّا المَأْمُومُ فإن كان أُمِّيًّا عاجِزًا عن قِرَاءةِ الفاتِحَةِ، صَحَّتْ صَلاتُه أيضًا، وإن كان قَارِئًا نَوَى مُفَارَقَتَه، وأتَمَّ وَحْدَه، ولا يَصِحُّ له إتْمامُ الصَّلاةِ خَلْفَه؛ لأنَّ هذا قد صَارَ حُكْمُه حُكْمَ الأُمِّيِّ. والصَّحِيحُ أنَّه إذا لم يَقْدِرْ على قراءةِ الفاتِحةِ أنَّ صلاتَه تَفْسُدُ؛ لأنَّه قادِرٌ على الصَّلاةِ بقِرَاءتِها فلم تَصِحَّ صَلاتُه بدون ذلك، لِعُمُومِ قَوْلِه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ: "لا صَلاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ" (٣٧). ولا يَصِحُّ قِيَاسُ هذا على الأُمِّيِّ؛ لأنَّ الأُمِّيَّ لو قَدَرَ على تَعَلُّمِهَا قبلَ خُرُوجِ الوَقْتِ، لم تَصِحَّ صَلاتُه بِدُونِها، وهذا يُمْكِنُه أن يَخْرُجَ فَيسْألَ عَمَّا وَقَفَ فيه (٣٨) ويُصَلِّىَ، ولا قِياسُه (٣٩) على أرْكانِ الأفْعالِ؛ لأنَّ خُرُوجَهُ عن الصَّلاةِ لا يُزِيلُ عَجْزَه عنها، ولا يَأْمَنُ عَوْدَ مثلِ ذلك العَجْزِ (٤٠)، بخِلافِ هذا. النَّوْعُ الثَّانِي، ما لا


(٣٥) سقط من: أ.
(٣٦) سقط من: م. وسقط من اقوله: "فكان بالاستخلاف".
(٣٧) تقدم في صفحة ١٤٧.
(٣٨) في أ: "منه". وفي م: "عليه".
(٣٩) في أ، م: "قياس".
(٤٠) في م: "لعجز".

<<  <  ج: ص:  >  >>