للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتَعَلَّقُ بِتَنْبِيهِ آدَمِيٍّ، إلَّا أنَّه لِسَببٍ من غيرِ الصَّلاةِ، مثل مَنْ (٤١) يَعْطِسُ فيَحْمَدُ اللهَ، أو تَلْسَعُهُ عَقْرَبٌ فيَقُولُ بِسْمِ اللهِ. أو يَسْمَعُ أو يَرَى ما يَغمُّه فيقولُ: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} (٤٢). أو يَرَى عَجَبًا فيقُولُ: سُبْحَانَ اللهِ. فهذا لا يُسْتَحَبُّ في الصَّلاةِ ولا يُبْطِلُها. نَصَّ عليه أحمدُ، في روايةِ الجماعةِ، في مَن عَطَسَ فحَمِدَ اللهَ، لم تَبْطُلْ صَلاتُه. وقال، في رِوَايةِ مُهَنَّا، في مَن قِيل له وهو يُصَلِّي: وُلِدَ لك غُلامٌ. فقال: الحمدُ لِلَّهِ. أو قِيل له: احْتَرَقَ دُكَّانُكَ. قال: لا إلهَ إلَّا اللهُ. أو ذَهَبَ كِيسُك. فقال: لا حَوْلَ ولا قُوَّةَ إلَّا باللهِ. فقد مَضَتْ صَلاتُه. ولو قِيل له: ماتَ أبوك. فقال: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}. فلا يُعِيد صَلاتَه. وذَكَرَ حَدِيثَ عَلِيٍّ، حين أجابَ الخَارِجِيَّ. وهذا قولُ الشَّافِعِيِّ، وأبى يوسفَ. وقال أبو حنيفةَ: تَفْسُدُ صَلاتُه؛ لأنَّه كلامُ آدَمِيّ. وقد رُوِىَ عن أحمدَ مثلُ هذا؛ فإنَّه قال في مَن قِيلَ له: وُلِدَ لك غُلامٌ. فقال: الحَمْدُ لِلهِ رَبِّ العَالمين. أو ذَكَرَ مُصِيبَةً، فقال: {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ}. قال: يُعِيدُ الصَّلاةَ. قال القاضي: هذا مَحْمُولٌ على من قَصَدَ خِطَابَ آدَمِيٍّ. ولَنا، ما رَوَى عَامِرُ بنُ رَبِيعَةَ، قال: عَطَسَ شَابٌّ من الأنْصارِ خلفَ رسولِ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وهو في الصَّلاةِ، فقال: الحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فيه، حتى يَرْضَى رَبُّنَا، وبعدَما يَرْضَى مِن أمْرِ الدُّنْيَا والآخِرَةِ. فلما انْصَرَفَ رسولُ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنِ القائلُ هذِهِ الكَلِمَة؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا مَا تَنَاهَتْ دُونَ العَرْشِ". رواهُ أبو داوُدَ (٤٣). وعن عَلِيٍّ، رَضِىَ اللهُ عنه، أنَّه قال له رجلٌ من الخَوارِجِ، وهو في صلاةِ الغَدَاةِ، فنَادَاهُ: {لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (٤٤). قال: فأنصَتَ له حتى فهِم، ثم أجابَه وهو في الصَّلاةِ: {فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلَا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لَا يُوقِنُونَ} (٤٥). احْتَجَّ


(٤١) في أ، م: "أن".
(٤٢) سورة البقرة ١٥٦.
(٤٣) في: باب ما يستفتح به الصلاة من الدعاء، من كتاب الصلاة. سنن أبي داود ١/ ١٧٨.
(٤٤) سورة الزمر ٦٥.
(٤٥) سورة الروم ٦٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>