للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِن الْيَدِ (٢١) والتَّصرُّفِ، لأنَّ اليدَ ليستْ مُنْحصِرةً فى المِلْكِ، وقد (٢٢) تكونُ بإجارَةٍ وإعارَةٍ وغَصْبٍ. وهذا قولُ بعضِ (٢٣) أصحابِ الشَّافعىِّ. ووَجْهُ الأوَّلِ، أنَّ اليَدَ دليلٌ على (٢٤) المِلْكِ، واسْتِمرارُها مِن غيرِ مُنازِعٍ يُقوِّيها، فجَرَتْ مَجْرَى الاسْتِفاضَةِ، فجازَ أن يَشْهَدَ بها، كما لو شاهَدَ سببَ اليَدِ، [مِن بَيعٍ، أو إرْثٍ أو هِبَةٍ، واحْتمالُ كَوْنِها عن غَصْبٍ أو إجارَةٍ، يُعارِضُه (٢٥) اسْتِمرارُ اليَدِ مِن غير مُنازِعٍ، فَلا يَبْقَى مانِعًا، كما لو شاهدَ سببَ اليَدِ] (٢٦)؛ فإنَّ احْتَمالَ كَوْنِ البائعِ غيرَ مالكٍ، والوارِثِ والواهِبِ، لا يَمْنَعُ الشَّهادةَ. كذا هاهُنا. فإن قيلَ: فإذا بَقِىَ الاحْتمالُ لم يَحصُلِ العلمُ، ولا تجوزُ الشَّهادةُ إلَّا بما يَعْلَمُ. قُلْنا: الظَّنُّ يُسَمَّى عِلْمًا، قال اللهُ تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} (٢٧). ولا سبيلَ إلى العلمِ اليَقِينىِّ هاهُنا، فجازَتْ بالظَّنِّ.

فصل: وإذا سمِعَ رجلًا يقولُ لصَبِىٍّ: هذا ابْنى. جازَ أن يَشْهَدَ به؛ لأنَّه مُقِرٌّ بنَسَبِه. وإن سمِعَ الصَّبِىَّ يقولُ: هذا أبى. والرَّجلُ يسْمَعُه، فسكَتَ، جازَ أن يَشْهَدَ أيضًا؛ لأنَّ سُكوتَ الأبِ إقْرارٌ له، والإقرارُ يَثْبُتُ به (٢٨) النَّسَبُ، فجازَتِ الشَّهادةُ به، وإنَّما أُقيمَ السُّكوتُ هاهُنا مُقامَ الإقْرارِ؛ لأنَّ الإقْرارَ على الانْتِسَابِ الباطلِ غيرُ (٢٤) جائزٍ، بخِلافِ سائِرِ الدَّعاوَى، ولأنَّ النَّسَبَ يغْلِبُ فيه الإِثْباتُ، ألَّا ترَى أنَّه يَلْحَقُ بالإمْكانِ فى النِّكاحِ. وذكرَ أبو الخَطَّابِ أنَّه يَحْتَمِلُ أنْ لا يَشْهَدَ مع السُّكوتِ حتى يَتكرَّرَ؛ لأنَّ السُّكوتَ ليس بإقْرارٍ حَقِيقىٍّ، وإنَّما أُقيمَ مُقامَه، فاعْتُبِرتْ تَقْوِيتُه بالتَّكْرارِ، كما اعتُبِرتْ تَقْوِيَةُ (٢٩) اليَدِ فى العَقارِ بالاسْتِمْرارِ.


(٢١) فى ب، م: "الملك واليد".
(٢٢) سقطت الواو من: ب، م.
(٢٣) سقط من: الأصل.
(٢٤) سقط من: أ، ب، م.
(٢٥) فى الأصل: "معارض".
(٢٦) سقط من: ب. نقل نظر.
(٢٧) سورة الممتحنة: ١٠.
(٢٨) سقط من: م.
(٢٩) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>