للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لطلاقِها ولا بدْعَة: أنتِ طالقٌ للسُّنَّةِ. وقال، فى "المُجَرَّدِ": لا يَقعُ؛ لأنَّ شَرْطَه لم يَتَحَقَّقْ؛ لأنَّ مُقْتضاه وقوعُ الطَّلاقِ إذا جاء غدٌ فى اليومِ، ولا يَأْتِى غدٌ إلَّا بعدَ فواتِ اليومِ وذَهَابِ مَحَلِّ الطّلاقِ. وهو قولُ أصحابِ الشَّافعىِّ.

فصل: إذا قال: أنتِ طالقٌ أمس. ولا نِيَّة له، فظاهرُ كلامِ أحمدَ، أَنَّ الطَّلاقَ لا يَقَعُ فرُوِىَ عنه فى مَن قال لزوجتِه: أنتِ طالقٌ أمسِ. وإنَّما تَزوَّجَها اليومَ: ليس بشىءٍ. وهذا قولُ أبى بكرٍ. وقال القاضى فى بعضِ كتبِه: يَقعُ الطَّلاقُ. وهو مذهبُ الشَّافعىِّ؛ لأنَّه وصفَ الطَّلْقةَ بما لا تَتَّصِفُ به، فلَغَتِ الصِّفةُ، ووقعَ الطَّلاقُ، كما لو قال لمن لا سُنَّة لها ولا بِدْعَة: أنتِ طالقٌ للسُّنَّةِ. أو قال: أنتِ طالقٌ طلقةً لا تَلزمُك. ووَجْهُ الأوَّلِ أَنَّ الطَّلاقَ رَفْعُ الاسْتِباحة، ولا يُمْكِنُ رفعُها فى الزَّمنِ الماضى، فلم يَقَعْ، كما لو قال: أنتِ طالقٌ قبلَ قُدومِ زيدٍ بيومينِ. فقَدِمَ اليومَ، فإنّ أصحابَنا لم يخْتلِفُوا فى أَنَّ الطَّلاقَ لا يَقعُ. وهو قولُ أكثرِ أصحابِ الشّافعىِّ، وهذا طلاق فى زمن ماض، ولأنَّه علَّقَ الطَّلاقَ بمُسْتحيلٍ فلَغَا، كما لو قال: أنتِ طالقٌ إن قَلَبْتِ الحَجَرَ ذهبًا. وإن قال: أنتِ طالقٌ قبلَ أن أتزوَّجَك. فالحُكمُ فيه كما لو قال: أنتِ طالقٌ أمسِ. قال القاضى: ورأيتُ بخطِّ أبى بكرٍ، فى "جزءٍ مفردٍ"، أنَّه قال: إذا قال: أنتِ طالقٌ قبلَ أن أتزوَّجَك. طَلُقَتْ. ولو قال: أنتِ طالقٌ أمسِ. لم يَقعْ؛ لأنَّ أمسِ لا يُمْكِنُ وُقوعُ الطَّلاقِ فيه، وقبلَ تَزْويجِها مُتَصَوَّرُ الوُجُودِ، فإنَّه يُمْكِنُ أن يَتزوَّجَها ثانيًا، وهذا الوقتُ قبلَه، فوقعَ فى الحالِ، كما لو قال: أنتِ طالقٌ قبلَ قُدومِ زيدٍ. وإن قَصَدَ بقوله: أنتِ طالقٌ أمسِ، أو قبلَ أن أتزوَّجَك. إيقاعَ الطَّلاقِ فى الحالِ، مُستنِدًا إلى ذلك الزَّمانِ، وقعَ فى الحالِ. وإن أرادَ الإخبارَ أنَّه كان (٢٥) قد طلَّقَها هو، أو زوجٌ قبلَه، فى ذلك الزَّمانِ الذى ذكَرَه، وكان قد وُجِدَ ذلك، قُبِلَ منه، وإن لم يكن وُجِدَ، وقعَ طلاقُه. ذَكَرَه أبو الخطَّابِ. وقال القاضى: يُقبَلُ على ظاهِر كلامِ أحمدَ؛ لأنَّه فسَّرهَ بما يَحْتَمِلُه، ولم يَشْترِطِ الوجودَ.


(٢٥) سقط من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>